مسألة : قال الشافعي : رضي الله عنه " فهو درهم " ولو أقر له يوم السبت بدرهم وأقر له يوم الأحد بدرهم
قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا أقر بدرهم دفعتين فهو إقرار بدرهم واحد ما لم يخالف بين صفتيهما ، أو سببيهما .
وقال أبو حنيفة : إذا أقر بذلك في مجلس حكم فهو إقرار بدرهمين إلا أن يكون مكتوبا في صك فلا يلزمه إلا درهم واحد وكذا لو أقر به في مجلس واحد استدلالا بأن لفظ الإقرار ، والطلاق يشتركان في حكم اللزوم ثم ثبت أنه لو قال لها في يوم السبت : أنت طالق ، وقال في يوم الأحد : أنت طالق ، لزمه طلقتان ، هذا إذا لزمه درهمان ، ولأن أقر في كل يوم منهما بدرهم أغلظ حكما من تكرار اللفظ في المجلس فلما كان لو قال له : علي درهم ودرهم لزمه درهمان ، فإذا أعاد الإقرار في وقتين كان أولى أن يلزمه درهمان . إعادة الإقرار في غير المجلس
ودليلنا مفهوم الخطاب لسانا ثم مقتضى الشرع حجاجا ، فأما مفهوم الخطاب في اللغة ، واللسان فهو أن الإقرار إخبار وتكرار الخبر لا يوجب تكرار المخبر ألا ترى أنه لو قال : رأيت زيدا ، ثم قال ثانية : رأيت زيدا لم يقتض مفهوم كلامه تكرار رؤية لزيد فكذلك موجب إقراره .
وأما مقتضى الشرع حجاجا فهو أن تكرار الإقرار في المجلس الواحد أوكد لزوما من تكراره في مجلسين فلما لم يتضاعف الإقرار بتكراره في المجلس الواحد فأولى أن لا يتضاعف في المجلسين ، وتحريره قياسا : أن كل ما لم يتكرر عليه في المجلس لم يتكرر عليه في المجلسين كالمكتوب في صك ، ولأن الإقرار بالمجمل كقوله : له علي شيء لا يوجب مضاعفة الإقرار بشيئين وإعادته المفسر عند الشهود لا يصير إقرارا بحقين فكذا المفسر عند الحاكم .
ويتحرر فيه قياسان :
أحدهما : أنه إقرار لا يتكرر بالمجمل فوجب أن لا يتكرر بالمفسر كالإقرار عند الشهود .
[ ص: 60 ] والثاني : أنه إقرار لا يتكرر عند الشهود فوجب أن لا يتكرر عند الحاكم كالإقرار بالمجمل .
وأما الجواب عن استشهاده بالطلاق فهو أن الطلاق إيقاع ، والإقرار إخبار فإذا أعاد لفظ طلاقه وقع به طلاق غير الأول ، وإذا أعاد لفظ إقراره لم يكن خبرا غير الأول ، ولو أقر بالطلاق لكان إقراره بالمال لا يتضاعف عليه حكمه كما لا يتضاعف عليه المال .
وأما قوله : علي درهم ودرهم فالمعنى في لزوم الدرهمين أنه قد عطف على الأول مثله بواو العطف ، والنسق فلزماه ، ولو حذف الواو لم يلزماه .