الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا قبض المستعير الأرض للغرس ، والبناء ثم رجع للمعير فإن كان رجوعه قبل الغرس ، والبناء منع المستعير من غرسها وبنائها فإن بنى بعد رجوعه ، أو غرس كان في حكم الغاصب فيآخذ بقلع الغرس ، والبناء مع أجرة المثل وتسوية الأرض فإن رجع المعير بعد الغرس ، والبناء لم يكن له إحداث زيادة في غرسه وبنائه فإن أحدث زيادة في غرسه وبنائه فإن أخذ بقلها فأما ما تقدم من الغرس ، والبناء قبل الرجوع فللمعير حالتان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون قد شرط على المستعير حين أعاره أن يقلع غرسه وبناءه عند رجوعه فيؤخذ المستعير بقلع ذلك للشرط المتقدم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤمنون عند شروطهم ولأن رضاه بهذا الشرط التزام للضرر الداخل عليه بالقلع فكان هو الضار لنفسه ، ولم يكن مضرورا بغيره . والحالة الثانية : ألا يشترط المعير على المستعير القلع بعد الرجوع فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون قيمة الغرس ، والبناء مقلوعا كقيمته قائما ، أو أكثر فيآخذ المستعير بالقلع ؛ لأن العارية لا تلزم ، والضرر بالقلع مرتفع .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون قيمته مقلوعا أقل ، فإن بدل المعير قيمته قائما ، أو بدل نقصا بين قيمته مقلوعا وقائما منع المستعير من إقراره حينئذ وخير بين قلعه ، أو أخذ قيمته ، أو أرش نقصه ؛ لأن ما يخافه من النقص بالقلع قد زال ببذل القيمة ، أو الأرش فلو بذل المستعير قيمة الأرض وبذل المعير قيمة الغرس كان المعير أحق من المستعير لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الأرض أصل ، والغرس تبع فكان ملك الأصل أقوى .

                                                                                                                                            والثاني : أنه أسبق ملكا وقيل للمستعير لا يجوز مع زوال الضرر عند أن يدخل الضرر على المعير بالترك فإن أخذت القيمة ، وإلا أجبر على القلع فإذا قلع فهل تلزمه تسوية الأرض بعد القلع أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : لا يلزمه ؛ لأنه مأذون فيه فأشبهه بلى الثوب باللبس . والوجه الثاني : يلزمه ذلك ؛ لأنه قلع باختياره بعد زوال العارية من غير أن يلجأ إليه فصار مأخوذا بنقصه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية