فصل : فإذا ثبت تحريم الغصب كما ذكرنا فيكمل الغصب بالمنع ، والتصرف فإن منع ، ولم يتصرف كان تعديا ، ولم يتعلق به ضمان ؛ لأنه تعدى على المالك دون الملك وإن تصرف ، ولم يمنع كان تعديا وتعلق به ضمان ؛ لأنه تعد على الملك دون المالك فإذا جمع بين المنع ، والتصرف تم الغصب ولزم الضمان سواء نقل المغصوب عن محله أم لا . فالغصب هو منع الإنسان من ملكه في التصرف فيه بغير استحقاق
وقال أبو حنيفة : لا والتحويل فإن كان مما لا ينقل كالدور ، والعقار لم يصح غصبه ، ولم يضمن استدلالا بأن غير المنقول مختص بالمنع دون التصرف فصار كحبس الإنسان عن ملكه لا يكون موجبا لغصب ماله ولأن المسروق لا يكون مسروقا إلا بالنقل عن الحرز فكذا المغصوب لا يصير مغصوبا إلا بالنقل وتحريره قياسا أن كل ما لم يصر المال به مسروقا لم يصر به مغصوبا كالمنع ، والإحالة . يتم الغصب إلا بالنقل ،
ودليلنا ما روي عن عطاء بن يسار عن أبي مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فأطلق على الأرض حكم الغلول ، والغصب . إن أعظم الغلول عند الله أن يأخذ الرجل من أرض غيره إلى أرض نفسه
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لعن الله سارق المنار قيل ، وما سارق المنار ؟ قال أن يأخذ الرجل العلامة من أرض نفسه إلى أرض غيره فجعل ذلك سرقة ومثله ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ، وفي تخوم الأرض تأويلان : أحدهما : علماؤها . والثاني : حدودها وأعلامها ولأن ما ضمن بالقبض في العقود ضمن بالتصرف في العقود كالمحول ، والمنقول . ولأن ما ضمن به المنقول ضمن به غير المنقول كالعقود ولأنه عدوان فجاز أن يضمن به غير المنقول كالجناية . ملعون من لعن أباه ملعون من لعن أمه ملعون من غير تخوم الأرض
فأما الجواب بأن ما لم ينقل مختص بالمنع ، والإحالة كالحبس فهو أن المحبوس عن [ ص: 136 ] ماله حصل التعدي عليه دون ماله فلم يصر المال مغصوبا وخالف حال التصرف فيه مع اشتهار القول عرفا أن فلانا غصب دارا ، أو أرضا . وأما الجواب عن المسروق فهو أن القطع فيها معتبر بهتك الحرز وإخراج المال عنه حتى لو نقل غير محرز لم يكن سارقا يقطع وخالف الغصب المعتبر بالتصرف في المال ألا ترى أنه لا يقال سرق دارا ويقال غصب دارا .