الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - : " ولو حفر فيها بئرا فأراد الغاصب دفنها فله ذلك وإن لم ينفعه " .

                                                                                                                                            [ ص: 171 ] قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا كسب أرضا وحفر فيها بئرا كان متعديا بحفرها وعليه سدها وضمان ما تلف فيها ثم لا يخلو حال رب الأرض ، والغاصب من أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يتفقا على سدها ليبرأ الغاصب من ضمان ما يسقط فيها فإن لم يكن للأرض بعد سدها أرش فلا شيء عليه سوى أجرة المثل في مدة الغصب ، وإن كان لها أرش كان عليه غرمه مع الأجرة .

                                                                                                                                            والحال الثاني : أن يتفقا على تركها فذاك لهما ، وعلى الغاصب ضمان ما سقط فيها لتعديه بحفرها وليس لرب الأرض أن يطالبه بمؤنة السد وإنما له أن يأخذه متى شاء بالسد .

                                                                                                                                            والحال الثالث : أن يدعو رب الأرض إلى سدها ويأبى الغاصب فإن الغاصب يجبر على سدها إن كان فيه غرض صحيح لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ليس لعرق ظالم حق . قال الشافعي - رضي الله عنه - : والعروق أربعة عرقان ظاهران الغرس ، والبناء . وعرقان باطنان البئر ، والنهر وإن لم يكن فيه غرض صحيح ، فعلى وجهين كما قلنا في قلع الغرس ، والبناء .

                                                                                                                                            والحال الرابع : أن يدعو الغاصب إلى سدها ويأبى ربها فإن لم يبرئه ربها من ضمان ما تلف فيها فله سدها ليستفيد به سقوط الضمان عنه وإن أبرأه بها من الضمان ففيه وجهان : أحدهما : أن للغاصب أن يسدها ؛ لأن الضمان قد يجب لغيره فلا يسقط بإبرائه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الغاصب يمنع من سدها ؛ لأنه بالإبراء يصير كالإذن له في الابتداء فيرتفع التعدي ، ولا يلزمه ضمان وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية