مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " فإن كان الاثنان اقتسما كان للثالث نقض قسمتهما " .
قال الماوردي : وهذا كما قال . لغيبة الثالث منعا من قسمته ؛ لأن في الشقص حقا لشريكهما الغائب مع السهم الذي له بقديم ملكه فإن اقتسماه كانت القسمة باطلة لما ذكرنا ، فلو حضر الغائب فعفا عن الشفعة لم تصح القسمة المتقدمة ، لفسادها ، ولو أراد الشفيعان الحاضران أن يبيعا ما كان لهما بقديم الملك ، وما أخذاه بحادث الشفعة لم يمنعا من ذلك لحق الغائب . إذا كان للشقص المبيع ثلاثة شفعاء فحضر اثنان فأخذا الشقص بينهما
وهكذا لو أرادا أن يبيعا ما أخذاه بالشفعة دون ما كان لهما بقديم الملك لم يمنعا ، وإنما كان كذلك ؛ لأن الغائب قادر على أخذه بأي العقدين شاء ، فإذا قدم الغائب ، وقد باع الحاضران ما أخذاه بالشفعة فهو بالخيار بين أن يأخذ بالشفعتين ، وبين أن يأخذه بالأولى ويعفو عن الثانية ، وبين أن يأخذ بالثانية ، ويعفو عن الأولى . فإن أراد أن يأخذ بالشفعتين أخذ بالأولى ثلث الشقص وبطل البيع فإن أحب أن يأخذ بشفعته الثانية صح ، وأخذ بالثانية نصف الباقي وهو ثلث الشقص ؛ لأنه أخذ شفعتين فيحصل له ثلث الشقص بالشفعتين .
وإن أراد أن يأخذ بالشفعة الثانية ويعفو عن الأولى صح البيع في الجميع ، وأخذ نصف الشقص كله ؛ لأنه أخذ شفعتين ، وإن أراد أن يأخذ بالشفعة الأولى ويعفو عن الثانية أخذ ثلث الشقص ؛ لأنه أخذ ثلث الشفعة ، فإن أحب أن يأخذه بشفعته الثانية صح البيع في الكل ، وكان له أخذ الجميع بها ؛ لأنه شفيع واحد . وإن أراد أن يأخذه بالشفعتين أخذ ثلث الشقص بشفعته الأولى وبطل فيه البيع وصح في ثلثيه فيما كان لهما بقديم الملك . فإن أحب أن يأخذه بشفعته الثانية صح .