الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ومن ذلك المعدن : وهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون جاريا كمعادن القار والنفط ، فيكون حكمه حكم البئر والعين . إن كان ضيقا لا يصير ما قسم معدنا فلا شفعة فيه ، وإن كان واسعا نظر ، فإن كان ينبوعه في أحد جوانبه فلا شفعة فيه ، وإن كان ينبوعه من جميع جوانبه ففيه الشفعة . ثم ينظر : فإن كان ما ينبع منه يجتمع فيه ، ولا يخرج منه فهل يكون ما اجتمع فيه وقت العقد داخلا في البيع ، ومأخوذا بالشفعة على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يدخل فيه كاللبن في الضرع ، ويؤخذ بالشفعة ؛ لأنه يتبع لما فيه الشفعة كالثمرة غير المؤبرة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يدخل في البيع كالولد المنفصل ، والثمرة المؤبرة لظهوره كامل المنفعة . فإن شرط في العقد دخل فيه ، ولم تجب فيه الشفعة .

                                                                                                                                            وإن كان ما ينبع جاريا لا يجتمع فيه ، فعلى قول أبي إسحاق لا يملك إلا بالإجارة ، والأخذ ، وإذا خرج عن معدنه لم يمنع الناس منه ، وعلى قول أبي علي بن أبي هريرة أنه مملوك قبل إجارته ، وله منع الناس منه ، فإذا خرج عن معدنه ، فعلى هذا هل يكون داخلا في البيع إذا كان ظاهرا وقت العقد على ما ذكرنا من الوجهين ؟ .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون المعدن جامدا كمعادن الصفر ، والنحاس فكل ما دخل فيه داخل في البيع ؛ لأنه تربة المعدن فصار كالأرض ثم ينظر فإن كان قسمته ممكنا ، وتصير كل حصة منه إذا قسمت معدنا وجبت فيه الشفعة وإن كان بخلافه فلا شفعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية