فصل : وإذا كانت لرجل في يد رجل ألف درهم وديعة فقارضه عليها وهما يعلمان قدرها وصفتها جاز ، ولو كانا يجهلان القدر ، أو الصفة لم يجز ، ولو قال له قد قارضتك على ألف من ديني الذي على فلان فاقبضها منه قراضا لم يجز ؛ لأنه قراض على مال غائب ، فإن [ ص: 309 ] قبضها واتجر بها صح القبض ؛ لأنه وكل فيه وكان الربح والخسران لرب المال وعليه لحدوثهما عن ملكه في قراض فاسد .
ولو كان له على العامل دين فقال له : قد جعلت ألفا من ديني عليك قراضا في يدك لم يجز تعليلا بأنه قراض على مال غائب ، وفيما حصل فيه من الربح ، أو الخسران قولان حكاهما أبو حامد في جامعه تخريجا : أحدهما : أنه لرب المال وعليه كالحادث عن مقارضته من دين على غيره ، فعلى هذا تبرأ ذمة العامل من الدين إذا اتجر به ، والقول الثاني : وهو الأصح أن الربح ، والخسران للعامل وعليه دين رب المال ، ولا يبرأ بالتجارة من دين رب المال .
والفرق بين كون الدين عليه وبين كونه على غيره أن قبضه من غيره صحيح ؛ لأنه وكيل فيه لرب المال فعاد الربح ، والخسران على رب المال لحدوثهما عن ملكه ، وقبضه من نفسه فاسد لأنه يصير مبرئا لنفسه بنفسه فعاد الربح ، والخسران عليه دون رب المال لحدوثهما عن ملكه ؛ لأنه في كل واحد من الموضعين يعود الربح ، والخسران على من له المال .