الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذ قد وضح ما ذكرنا من حال الأجير المنفرد والمشترك ، فسنذكر حكم كل واحد منهما ؛ أما المنفرد إذا تلف المال من يده فلا يخلو تلفه من أحد أمرين : إما أن يكون بجنايته وعدوانه أو لا ، فإن تلف بجنايته وعدوانه فعليه ضمانه وإن كان في يد مالكه ، ألا ترى أن من جنى على دابة رجل هو راكبها أو على ثياب رجل هو لابسها وجب عليه ضمانها كذلك هذا الأجير . وإن تلف ذلك بغير جناية الأجير ولا عدوانه فلا ضمان عليه : لأن ما تلف في يد أربابه لم يضمن بغير جناية ولا عدوان ، فإن اختلف رب المال والأجير في العدوان ، فالقول قول الأجير مع يمينه ما لم يعلم خلاف قوله : لإنكاره وبراءة ذمته فلا ضمان عليه .

                                                                                                                                            فأما أجرة الأجير فإن كان تلف ذلك قبل عمله فلا أجرة له ، ثم ينظر في الإجارة فإن كانت معقودة على عين ذلك المال بطلت بتلفه وإن كانت مطلقة لم تبطل واستعمله المستأجر في غيره ، وإن كان تلف ذلك بعد عمله فله الأجرة : لأن عمله إذا كان في يد المستأجر فقد حصل قبضه فلزمه الأجرة ، وسواء كان التلف بعدوان الأجير أم لا ، إلا أنه تلف بعدوانه بعد العمل لزمه قيمته معمولا ، ولو تلف قبل العمل لزمه قيمته غير معمول . فلو اختلف الأجير ورب المال في العمل فادعاه الأجير وأنكره المستأجر فالقول فيه قول المستأجر مع يمينه ما لم يعلم خلاف قوله : لأن الأصل أن لا عمل ، فهذا حكم الأجير المنفرد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية