الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ومعلم الكتاب والآدميين مخالف لراعي البهائم وصناع الأعمال : لأن الآدميين يؤدبون بالكلام فيتعلمون ، وليس هكذا مؤدب البهائم ، فإذا ضرب أحدا من الآدميين لاستصلاح المضروب أو غير استصلاحه فتلف ، كانت فيه دية على عاقلته ، والكفارة في ماله " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال . يجوز لمعلم الصبيان أن يؤدبهم بالضرب استصلاحا لهم وهكذا الأب في ولده ، والزوج عند نشوز امرأته ، فإن تعدى أحد هؤلاء في الضرب إلى أن خرج فيه إلى حد التلف فهو قاتل عمدا يجب عليه القود ، إلا الوالد في ولده فتلزمه الدية دون القود ، ولم يتجاوز واحد الاستصلاح فحدث منه التلف فلا قود : لأنه خطأ شبه العمد ، والضارب ضامن لدية المضروب على عاقلته ، والكفارة في ماله .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إذا ضرب المعلم الصبي بأمر أبيه لم يضمن ، ولو ضربه الأب بنفسه ضمن . وقال أبو يوسف ومحمد : الأب لا يضمن ، والمعلم يضمن . وهذا من قول أبي حنيفة ، وإن كان كلا القولين فاسدا لاتفاقهم على أن الزوج يضمن ما حدث من استصلاح زوجته بالضرب المباح ، وكذلك الأب والمعلم ، فإن قيل : فلم ضمن من هو مباح الضرب ، وما حدث عن المباح صار كالرائض لا يضمن الدابة إذا ضربها ، قيل : المباح من ضرب الآدميين في استصلاحهم ما لم يفض إلى التلف ، فإذا أفضى إلى التلف صار غير مباح ، والفرق بينه وبين رائض البهائم ما ذكره الشافعي أن الآدميين قد يؤدبون بالكلام ، فكان له إلى استصلاحهم سبيل بغير الضرب ؛ فلذلك لزم الضمان إن حدث من ضربهم تلف ، والبهائم لا سبيل إلى استصلاحها إلا بالضرب فلم يجد الرائض إلى تركه سبيلا فلم يضمن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية