الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا دفع الرجل ثوبه إلى غسال فغسله ، أو إلى قصار فقصره ، أو إلى خياط فخاطه فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يذكر له أجرة معلومة .

                                                                                                                                            والثاني : أن يذكر له أجرة مجهولة .

                                                                                                                                            والثالث : أن يذكر له أجرة ، فإن ذكر له أجرة معلومة كقوله : اغسل هذا الثوب بدرهم ، فهذه إجارة صحيحة ، وللغسال الدرهم المسمى ، وإن ذكر له أجرة مجهولة كقوله : اغسله لأرضيك أو لأقاطعك أو لأعطيك ما شئت ، فهذه إجارة فاسدة ، وللغسال أجرة مثله : لأنه لم يبذل عمله إلا في مقابلة عوض .

                                                                                                                                            وإن لم يذكر له أجرة معلومة ولا مجهولة . مثل أن يعطيه لغسال فيغسله من غير أن يذكر له أجرا صحيحا ولا فاسدا قال الشافعي : فلا أجرة له : لأنه صار باذلا لعمله على غير بدل فلم يستحق عليه أجرا ، كما لو بذل طعامه على غير بدل لم يستحق عليه ثمنا ؛ ولأنه لو قال : أسكني دارك شهرا فأسكنه لم يستحق عليه أجرا ، فكذلك إذا قال : اغسل ثوبي فغسله . وقال أبو إبراهيم المزني : له الأجرة : لأن رب الثوب قد صار مستهلكا لعمله في ملكه فصار كالغاصب ، وهذا يفسد بباذل الطعام ودافع الدار .

                                                                                                                                            وقال أبو إسحاق المروزي : إن كان رب الثوب سأل الغسال مبتدئا فقال : اغسل ثوبي هذا فله الأجرة ، وإن كان الغسال طلبه مبتدئا من ربه فقال : أعطني ثوبك لأغسله فلا أجرة له .

                                                                                                                                            وقال أبو العباس بن سريج : إن كان الغسال معروفا أن يغسل بأجر فله الأجرة ، وإن كان غير معروف بذلك فلا أجرة له ، وكل هذه المذاهب فاسدة بباذل الطعام ودافع الدار ؛ حيث لم يقع الفرق بين أن يكون سائلا ، أو مسئولا ومعروفا بالمعاوضة أو غير معروف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية