الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : إجارة دور مكة جائزة ، ومنع مالك وأبو حنيفة من إجارتها استدلالا بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في مكة : إنها سوائب .

                                                                                                                                            وروى الأعمش ، عن مجاهد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن مكة حرمها الله لا يحل بيع رباعها ، ولا أجور بيوتها ، والدليل على جواز إجارتها ما قدمناه من الدليل على جواز بيعها من قوله - صلى الله عليه وسلم - حين دخل مكة ، وقد قيل له : هلا نزلت في دورك فقال : وهل ترك لنا عقيل من ربع .

                                                                                                                                            فلولا جواز بيعها ما أمضى بيع عقيل وجعل مشتريها منه أحق بها منه ، وقد اشترى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - دارا بمكة بأربعة آلاف درهم ، فلم ينكر شراءه أحد ، فصار كالإجماع ؛ ولأن الله تعالى أضاف إليهم دورهم فقال تعالى : للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم [ الحشر : 28 ] فاقتضت هذه الإضافة بقاء ملكهم عليها ؛ وإذا لما ذكرنا ملكها وجواز بيعها دل ذلك على جواز إجارتها . لأن ما جاز بيعه من الدور جازت إجارته كسائر البلاد .

                                                                                                                                            ولأنه لو لم تملك رقابها وتستحق سكناها لما جاز لأحد أن يستوطن بها دارا ولاستهم الناس عليها لاستوائهم فيها ، فأما ما استدلوا به من الخبرين فقد قدمنا الجواب عنهما في البيوع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية