الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فعلى هذا إذا أقطعها الإمام رجلا فما لم يتصرف فيهما بالعمل لم يملكها كما لا يملك الموات بالإقطاع ما لم يحيه ، فإذا عمل فيها صار مالكها ، وفي ملكه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه قد ملكها ملكا مؤبدا ، سواء أقام على العمل أو ترك ، كما يملك الموات بالإحياء سواء استدام عمارته أو عطله ، فعلى هذا يكون إذن الإمام شرطا في ثبوت ملكها وإن لم يكن إذنه في إقطاعها شرطا في تناول ما فيها ، لكونه على أصل الإباحة ، والقول الثاني : أن ملكه لها مقدر بمدة عمله فيها فما أقام على العمل فهو على ملكه ، وله منع الناس منه ، فإذا فارق العمل زال ملكه عنه وعاد إلى أصل الإباحة إلا أن يكون ذلك لتعذر آلة أو هرب عبد ، فلا يزول ملكه ما كان ناويا للعمل حتى يقطع قطع ترك فيزول ملكه ، وإنما كان كذلك : لأن عمله يكون إحياء للطبقة التي عمل فيها فصار مالكا لها بإحيائه وعمله ، فأما ما تحت تلك الطبقة فلم يقع عليها عمل ، ولم يحصل فيها إحياء فلم يملكها ، فعلى هذا اختلف أصحابنا : هل يكون إذن الإمام شرطا في ثبوت ملكه عليها مدة عمله فيها ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن إذنه شرط فيه حتى يجوز منع غيره كما لو قيل بتأييد ملكه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن إذنه ليس بشرط كما لم يكن إذنه شرطا في إحياء الموات : لأن ملكه فيها يختص بما باشر عمله ، ويجوز له عند شروعه في العمل أن يمنع غيره من الموضع الذي عمل فيه ، ولا يمنعه من غير ذلك الموضع من العذر كما لا يمنع بشروعه في إحياء الموات من غير إقطاع إلا من الموضع الذي عمل فيه ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية