الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - تعالى : " وكل ما كان في بلاد العنوة مما عمر مرة ثم ترك ، فهو كالعامر القائم العمارة مثل ما ظهرت عليه الأنهار وعمر بغير ذلك على نطف السماء أو بالرشاء ، وكل ما كان لم يعمر قط من بلادهم فهو كالموات من بلاد العرب " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن ما اندرست عمارته من بلاد المشركين حتى صار مواتا خرابا على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن تكون الشروط المعتبرة في إحيائها باقية فيه كأرض الزراعات إذا كانت مسنياتها باقية وماؤها قائما ، وصارت بنبات الحشيش خرابا وبتأخير عمارتها مواتا ، فهذه في حكم العامر من أموالهم يقسم بين الغانمين في العنوة .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن تكون الشروط المعتبرة في إيجابها ذاهبة كالدور والمنازل إذا ذهب آلتها واندرست آثارها ، فحكم هذا على ما استوفيناه تقسيما وحكما في صدر هذا الكتاب .

                                                                                                                                            [ ص: 504 ] والقسم الثالث : أن تذهب بعض الشروط المعتبرة في إيجابها ويبقى بعضها عارض الزرع ، إذا ذهبت مسنياتها وبقي ماؤها ، أو ذهب ماؤها وبقيت مسنياتها ففيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أنه في حكم الموات ما لم يندرس جميع آثاره .

                                                                                                                                            والثاني : أنه في حكم الموات ما لم يبق جميع آثاره .

                                                                                                                                            والثالث : أنه إذا تقادم العهد بجوابها صارت مواتا ، وإن قرب العهد لعمارتها فهي في حكم ما كان عامرا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية