مسألة : بعضهم كانت الهبة جائزة وإن أساء وبه قال فإن لم يسو بينهم وخص بالهبة مالك ، وأبو حنيفة ، وقال طاوس وأحمد وإسحاق وداود : الهبة باطلة استدلالا لبشير : أكل ولدك نحلت مثله ؟ قال : فارجعه ، وروي أنه قال : بقوله - صلى الله عليه وسلم - ودل قوله : [ ص: 545 ] هذا جور ، على ذم فعله ، قالوا : ولأن تفضيل بعضهم على بعض يؤدي إلى عقوق باقيهم ، وما نصب على العقوق فهو عقوق ، والعقوق حرام . فأشهد غيري على التبرؤ من فعله
ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : فارجعه فلولا تعود الهبة لما أمره بالاسترجاع ثم قوله : أشهد غيري دليل على عدم الجواز : لأن ما لا يجوز لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشهد فيه لا يجوز لغيره أن يشهد فيه ، وإنما أمره بإشهاد غيره استئنافا ، وهذا جواب ، ودليل قوله : هذا جواب ؛ أي : ميل يقال : فجاز السهم ، إذا مال عن الرمية فقال ذلك : لأنه مال إلى الموهوب له ، وقد روي أن أبا بكر - رضي الله عنه - خص عائشة - رضي الله عنها - بنحل عشرين وسقا من تمر ، وقال : وددت أنك قد قبضتيه وهو اليوم من مال الوارث ، وفضل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عاصما بنخل ، وخص عبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم ؛ ولأنه لما جاز أن يجمع جميعهم ، جاز أن يعطي جميعهم ، جاز أن يفعل ذلك بجميعهم كالأجانب ، ولأنه لما جازت هبة بعض الأولاد للأب جازت هبة الأب لبعض الأولاد .