فصل : وأما الكلالة فقد روي عن
عمر - رضي الله عنه - أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923595تكفيك آية الصيف ، يعني قوله في آخر سورة النساء
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة [ النساء : 176 ] : لأنها نزلت في يوم صائف فلم يفهمها
عمر وقال
لحفصة - رضي الله عنهما - : إذا رأيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيب نفس فاسأليه ، فرأت منه طيب نفس فسألت عنها فقال لها :
أبوك كتب لك هذا ، ما أرى أباك يعلمها أبدا ، فكان
عمر يقول : ما أراني أعلمها
[ ص: 92 ] أبدا ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال . وروي عن
عمر - رضي الله عنه - أنه قال : ثلاث لأن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها : الكلالة ، والخلافة ، والربا . وإنما لم يزده النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيان الكلالة : لأن في الآية من الإشارة ما يكتفي به المجتهد ، وقد كان
عمر - رضي الله عنه - من أهل الاجتهاد ، وإن قصر عن إدراكه لعارض .
وقد اختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=23894الكلالة فروي عن
ابن عباس في إحدى الروايتين عنه أن الكلالة ما دون الولد تعلقا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد [ النساء : 176 ] ، وقال قوم : الكلالة ولد الأم تعلقا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت [ النساء : 12 ] ، يعني : في أم . فاقتضى أن يكون هو الكلالة .
وقال الجمهور : إن الكلالة ما عدا الولد والوالد ، وهذا قول
أبي بكر وعلي وزيد وابن مسعود رضي الله عنهم ، وبه قال
الشافعي وأبو حنيفة ومالك .
ووجه ذلك أن ولد الأم لما سقطوا مع الوالد لسقوطهم مع الولد دل على أن الكلالة من عدا الوالد والولد ، وقد ذكر
أبو إسحاق المروزي في شرحه عن
عمرو بن شعيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
الأخ من الأب والأم أولى من الكلالة ، ولأن الكلالة مصدر من تكلل النسب تشبها بتكلل أغصان الشجرة على عمودها ، فالوالد أصلها والولد فرعها ومن سواهما من المناسبين كالأغصان المتكللة عليها ، وقيل : إن الكلالة من تكلل طرفاه فخلا عن الآباء والأبناء ، وقيل : إن الكلالة مأخوذة من الإحاطة ، ومنه سمي الإكليل لإحاطته بالرأس ، فسمي هؤلاء كلالة لإحاطتهم بالطرفين ، وقد قال الفرزدق في سليمان بن عبد الملك في وصول الخلافة إليهم عن آبائهم لا عن غيرهم :
ورثتم قناة الملك غير كلالة عن ابن مناف عبد شمس وهاشم
وقال الآخر :
فإن أبا المرء أحمى له ومولى الكلالة لا يغضب
يعني : مولى غير الوالد والولد .
فَصْلٌ : وَأَمَّا الْكَلَالَةُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923595تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ ، يَعْنِي قَوْلَهُ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ [ النِّسَاءِ : 176 ] : لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَلَمْ يَفْهَمْهَا
عُمَرُ وَقَالَ
لِحَفْصَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : إِذَا رَأَيْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طِيبَ نَفْسٍ فَاسْأَلِيهِ ، فَرَأَتْ مِنْهُ طِيبَ نَفْسٍ فِسَأَلَتْ عَنْهَا فَقَالَ لَهَا :
أَبُوكِ كَتَبَ لَكِ هَذَا ، مَا أَرَى أَبَاكِ يَعْلَمُهَا أَبَدًا ، فَكَانَ
عُمَرُ يَقُولُ : مَا أَرَانِي أَعْلَمُهَا
[ ص: 92 ] أَبَدًا ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ . وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ : ثَلَاثٌ لِأَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا : الْكَلَالَةُ ، وَالْخِلَافَةُ ، وَالرِّبَا . وَإِنَّمَا لَمْ يَزِدْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيَانِ الْكَلَالَةِ : لِأَنَّ فِي الْآيَةِ مِنَ الْإِشَارَةِ مَا يَكْتَفِي بِهِ الْمُجْتَهِدُ ، وَقَدْ كَانَ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ ، وَإِنْ قَصُرَ عَنْ إِدْرَاكِهِ لِعَارِضٍ .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=23894الْكَلَالَةِ فَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِحْدَى الرُّوَايَتَيْنِ عَنْهُ أَنَّ الْكَلَالَةَ مَا دُونَ الْوَلَدِ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ [ النِّسَاءِ : 176 ] ، وَقَالَ قَوْمٌ : الْكَلَالَةُ وَلَدُ الْأُمِّ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ [ النِّسَاءِ : 12 ] ، يَعْنِي : فِي أُمٍّ . فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ هُوَ الْكَلَالَةَ .
وَقَالَ الْجُمْهُورُ : إِنَّ الْكَلَالَةَ مَا عَدَا الْوَلَدِ وَالْوَالِدَ ، وَهَذَا قَوْلُ
أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَبِهِ قَالَ
الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ .
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ وَلَدَ الْأُمِّ لَمَّا سَقَطُوا مَعَ الْوَالِدِ لِسُقُوطِهِمْ مَعَ الْوَلَدِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ عَدَا الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ ، وَقَدْ ذَكَرَ
أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ فِي شَرْحِهِ عَنْ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
الْأَخُ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى مِنَ الْكَلَالَةِ ، وَلِأَنَّ الْكَلَالَةَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَ النَّسَبُ تَشَبُّهًا بِتَكَلُّلِ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ عَلَى عَمُودِهَا ، فَالْوَالِدُ أَصْلُهَا وَالْوَلَدُ فَرْعُهَا وَمَنْ سِوَاهُمَا مِنَ الْمُنَاسِبِينَ كَالْأَغْصَانِ الْمُتَكَلِّلَةِ عَلَيْهَا ، وَقِيلَ : إِنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ تَكَلَّلَ طَرَفَاهُ فَخَلَا عَنِ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ ، وَقِيلَ : إِنَّ الْكَلَالَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْإِحَاطَةِ ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْإِكْلِيلُ لِإِحَاطَتِهِ بِالرَّأْسِ ، فَسُمِّيَ هَؤُلَاءِ كَلَالَةً لِإِحَاطَتِهِمْ بِالطَّرَفَيْنِ ، وَقَدْ قَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي وُصُولِ الْخِلَافَةِ إِلَيْهِمْ عَنْ آبَائِهِمْ لَا عَنْ غَيْرِهِمْ :
وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمُلْكِ غَيْرَ كَلَالَةٍ عَنِ ابْنِ مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسِ وَهَاشِمِ
وَقَالَ الْآخَرُ :
فَإِنَّ أَبَا الْمَرْءِ أَحَمَى لَهُ وَمَوْلَى الْكَلَالَةِ لَا يَغْضَبُ
يَعْنِي : مَوْلَى غَيْرِ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ .