مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولا ترث الإخوة ولا الأخوات من كانوا مع الأب ولا مع الابن ولا مع ابن الابن وإن سفل " .
قال الماوردي : وهذا صحيح : مع الابن دون البنت ومع ابن الابن ومع الأب ولا يسقطون مع الجد على ما نذكره في باب الجد ، وحكي عن الإخوة والأخوات للأب والأم يسقطون مع ثلاثة عبد الله بن عباس في رواية تشذ عنه أنه إذا كان مع الأبوين إخوة حجبوا الأم من الثلث إلى السدس واستحقوا السدس الذي حجبوا الأم عنه : لأن الأب لا يستحقه مع عدم الإخوة ، فوجب أن لا يستحقه بوجود الإخوة ، والدليل على فساد هذا القول قول الله تعالى : وورثه أبواه فلأمه الثلث [ النساء : 11 ] ، فكان الباقي بعده للأب ، ثم قال : فإن كان له إخوة فلأمه السدس [ النساء : 11 ] ، فدل الظاهر على أن الباقي أيضا للأب .
ولأن الإخوة لا يرثون مع الأب وحده ، فكان أولى أن لا يرثوا معه ومع الأم ، ولأن من أدلى بعصبة لم يرث مع وجود تلك العصبة : كابن الابن مع الابن ، وكالجد مع الأب .
فإن قيل : أفليس الإخوة للأم يدلون بالأم ويرثون معها ، فهلا كان الإخوة مع الأب ، وإن أدلوا به يرثون معه .
قيل الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن الإخوة للأب عصبة يدلون بعصبة فلم يجز أن يدفعوه عن حقه مع إدلائهم به ، والإخوة للأم ذو فرض لا يدفعون الأم عن فرضها فجاز أن يرثوا معها .
والثاني : أن الإخوة للأم لا تأخذ الأم فرضهم إذا عدموا فلم يدفعهم عنه إذا وجدوا ، والإخوة للأب يأخذ الأب حقهم إذا عدموا فدفعهم عنه إذا وجدوا .
فأما حجبهم الأم عن السدس فليس كل من حجب عن فرض استحق ذلك الحجب ، ألا ترى أن فرض البنت النصف لو لم تحجب أحدا ولو حجبت الزوج إلى الربع والزوجة إلى الثمن والأم إلى السدس لم يعد عليها ما حجبتهم عنه من الفروض وكذلك الإخوة .