الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وللبنت النصف وللبنتين فصاعدا الثلثان " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، أما البنت الواحدة إذا انفردت ففرضها النصف بنص الكتاب ، قال الله تعالى : وإن كانت واحدة فلها النصف [ النساء : 11 ] ، فإن كن اثنتين فصاعدا ففرضها الثلثان ، وبه قال جمهور الصحابة - رضي الله عنهم - وسائر الفقهاء ، وقال عبد الله بن عباس في رواية عنه شاذة : إن فرض البنتين النصف كالواحدة وفرض الثلاث فصاعدا الثلثان استدلالا بقوله تعالى : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك [ النساء 11 ] ، فجعل الثلثين فرضا لمن زاد على الاثنين ، والدليل على صحة ما ذهب إليه الجمهور وهو مروي عنه أيضا أن الله تعالى صرح في الأخوات بأن فرض الاثنتين فصاعدا الثلثان ، وقال في البنات : فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك [ النساء 11 ] فاحتمل أن يكون هذا العمل محمولا على ذلك التصريح المقيد في الأخوات ، واحتمل أن يكون بخلافه على ما حكي عن ابن عباس ، فكان حمله على الوجهين الأولين أولى من حمله على ما قال ابن عباس لأمرين ترجيح واستدلال .

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لما استوى فرض البنت والأخت في النصف اقتضى أن يستوي فرض البنتين والأختين .

                                                                                                                                            والثاني : أن البنات أقوى في الميراث من الأخوات ، لأنهن يرثن مع من يسقط الأخوات ، فلم يجز أن يكون فرض الأختين مع ضعفهن الثلثين ، ويكون فرض البنتين مع قوتهن النصف ، وليس يمنع أن يكون قوله ( فوق ) صلة زائدة كما قال تعالى : فاضربوا فوق الأعناق [ الأنفال 12 ] ، ثم يدل على ذلك من طريق السنة ما رواه عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى بنتي سعد بن الربيع مع أمهما وعمهما الثلثين والأم الثمن والباقي للعم ، وهذا نص ، وقد روينا الخبر بكماله في صدر الكتاب ، ولأنه لما كان فرض البنت الواحدة مع بنت الابن الثلثين النصف والسدس ، فلأن يكون الثلثان فرض البنتين أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية