الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن لم يكن للميت إلا ابنة واحدة وبنت ابن أو بنات ابن ، فللابنة النصف ولبنت الابن أو بنات الابن السدس تكملة الثلثين ، وتسقط بنات ابن الابن إذا كن أسفل منهن إلا أن يكون معهن ابن ابن في درجتهن أو أبعد منهن فيكون ما بقي له ولمن في درجته أو أقرب إلى الميت منه من بنات الابن ممن لم يأخذ من الثلثين شيئا للذكر مثل حظ الأنثيين ، ويسقط من أسفل من الذكر ، فإن لم يكن إلا ابنة واحدة وكان مع بنت الابن أو بنات الابن ابن ابن في درجتهن ، فلا سدس لهن ، ولكن ما بقي له ولهن للذكر مثل حظ الأنثيين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا ترك الميت بنتا وبنت ابن كان للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين ، لرواية الأعمش عن أبي قيس الأودي عن هذيل بن شرحبيل الأودي قال : جاء رجل إلى أبي موسى الأشعري وسلمان بن ربيعة يسألهما عن ابنة وابنة ابن وأخت لأب وأم فقالا : لابنته النصف ، وللأخت في الأب والأم النصف ، ولم يورثا بنت الابن شيئا ، وأما ابن مسعود فإنه سيتابعنا ، فأتاه الرجل فسأله وأخبره بقولهما ، فقال لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ، ولكنسأقضي فيها بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لابنته النصف ، ولابنة الابن سهم تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت من الأب والأم .

                                                                                                                                            وهكذا لو كانت الفريضة بنتا وعشر بنات ابن ، كان للبنت النصف ولعشر بنات الابن السدس ، وإن كثرن ، وهكذا لو كانت الفريضة بنتا وعشر بنات ابن ابن أسفل من بنت الصلب بثلاث درج كان لهن السدس ، كما لو علون ، فإن كان معهن ذكر سقط فرض السدس لهن ، وكان الباقي بعد نصيب البنت بين بنات الابن وأختهن للذكر مثل حظ الأنثيين : لأنه [ ص: 102 ] عصبهن ، وهذا قول الجماعة ، وقال ابن مسعود وهي ثاني مسائله التي تفرد فيها بخلاف الصحابة : إن لبنات الابن إذا شاركهن ذكر أقل الأمرين من السدس الباقي من فرض البنات بعد نصف البنت أو المقاسمة ، فإن كانت مقاسمة الذكر الذي في درجتهن أنقص لسهمين من السدس قاسمهن ، ثم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن كانت المقاسمة أزيد من السدس فرض لهن السدس ، وجعل الباقي بعد الثلثين للذكور من بني الابن . وتابعه على ذلك أبو ثور وداود استدلالا بأن فرض البنات الثلثان فلم يجز أن يزدن عليه ، وهذا فاسد من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن اشتراك البنتين والبنات في الميراث يوجب المقاسمة دون الفرض قياسا على ولد الصلب .

                                                                                                                                            والثاني : أن الذكر إذا دفع أخته عن المقاسمة أسقطها كولد الإخوة ، وإذا لم يسقطها شاركته كالولد ، وفي قول ابن مسعود دفع لهذين الأصلين ، وقوله إن فرض البنات لا يزيد على الثلثين فهو على ما قال غير أننا نسقط مع مشاركة الذكر فرضهن فيما يأخذنه بالتعصيب دون الفرض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية