الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو هلكت إلا رأسا كان له إذا حمله الثلث " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما إذا أوصى برأس من ماله فالوصية جائزة لا تبطل بموت رقيقه إذا كان ماله باقيا .

                                                                                                                                            فأما إذا أوصى برأس من رقيقه ، فقد مضى الكلام إذا لم يمت منهم أحد .

                                                                                                                                            وأما إذا حدث فيهم موت فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يهلك جميعهم .

                                                                                                                                            والثاني : بعضهم .

                                                                                                                                            فإن هلكوا جميعهم ، فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون هلاكا غير مضمون كالموت ، فالوصية قد بطلت ، إلا أنه إن كان قبل موت الموصي ، فلا وصية ، وإن كان بعده فقد هلك ذلك من مال الموصى له والورثة جميعا .

                                                                                                                                            [ ص: 232 ] والضرب الثاني : أن يكون هلاكهم مضمونا كالقتل الذي يوجب ضمان قيمتهم على قاتلهم فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون قتلهم بعد موت الموصي فالوصية صحيحة ؛ لأن القيمة قائمة مقامهم ، ثم للورثة أن يعطوه قيمة أيهم شاءوا ، كما كان لهم مع بقائهم أن يعطوا أيهم شاءوا .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون قتلهم قبل موت الموصي ، ففي الوصية وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : جائزة ؛ لأن القيمة بدل منهم ، فصار كوجودهم ، فعلى هذا يعطونه قيمة أيهم شاءوا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها باطلة ؛ لأن انتقالهم إلى القيمة في القتل كانتقالهم إلى الثمن في البيع ، فلما كان بيعهم في حياة الموصي موجبا لبطلان الوصية كذلك قتلهم في حياة الموصي موجبا لبطلان الوصية .

                                                                                                                                            ومن قال بالوجه الأول يفرق بين البيع والقتل بأن البيع كان باختيار الموصي ، فكان رجوعا ، والقتل بغير اختياره فلم يكن رجوعا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية