الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو أوصى له فقبل ، أو رد قبل موت الموصي كان له قبوله ورده بعد موته وسواء أوصى له بأبيه أو غيره " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن الوصية تشتمل على أمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : العطية .

                                                                                                                                            والثاني : الولاية .

                                                                                                                                            [ ص: 274 ] فأما العطية فهو ما يوصي به الرجل من أمواله لمن أحب ، فالوقت الذي يصح فيه قبول ذلك ورده بعد موت الموصي .

                                                                                                                                            فإن قبل أو رد بعد موته ، صح وكان على ما مضى من حكم القبول والرد .

                                                                                                                                            فأما في حياة الموصي ، فلا يصح قبوله ولا رده .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : " يصح الرد ولا يصح القبول ؛ لأن الرد أوسع حكما من القبول " ا هـ .

                                                                                                                                            وهذا فاسد لأمور منها : أن الرد في مقابلة القبول ، لأنهما معا يرجعان إلى الوصية ، فلما امتنع أن يكون ما قبل الموت زمانا للقبول ، امتنع أن يكون زمانا للرد ، وصار كزمان ما قبل الوصية الذي لا يصح فيه قبول ولا رد وعكسه ما بعد الموت كما صح فيه القبول صح فيه الرد .

                                                                                                                                            ومنها : أن الرد في حال الحياة عفو قبل وقت الاستحقاق ، فجرى مجرى العفو عن القصاص قبل وجوبه وعن الشفعة قبل استحقاقها .

                                                                                                                                            ومنها : أنه قبل الموت مردود عن الوصية ، فلم يكن رده له مخالفا لحكمها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية