مسألة : قال الشافعي : " وإذا أعطى الوالي من وصفنا أن عليه أن يعطيه ، ثم علم أنه غير مستحق نزع ذلك منه إلى أهله ، فإن فات فلا ضمان عليه : لأنه أمين لمن يعطيه ويأخذ منه لا لبعضهم دون بعض : لأنه كلف فيه الظاهر ، وإن تولى ذلك رب المال ففيها قولان : أحدهما أنه [ ص: 543 ] يضمن ، والآخر كالوالي لا يضمن . ( قال المزني ) : ولم يختلف قوله في الزكاة أن رب المال يضمن " .
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في فهذا على ثلاثة أقسام : زكاة دفعت إلى مستحق لها في الظاهر فبان غير مستحق لها في الباطن ،
أحدها : ما يكون الضمان فيه على الدافع واجبا ، سواء كان الدافع لها إماما أو مالكا .
والثاني : ما لا يجب فيه الضمان على الدافع ، سواء كان إماما أو مالكا .
والثالث : ما يختلف في وجوب الضمان فيه بحسب اختلاف الدافع إن كان إماما أو مالكا .
فأما القسم الأول الذي يجب فيه الضمان على الدافع إماما كان أو مالكا فهو أن تدفع إلى من لا يجوز الدفع إليه إلا ببينة يشهد على سبب استحقاقه كالمكاتب والغارم ، فإذا دفعها إلى من ذكر أنه مكاتب ، أو غارم بغير بينة ، ثم بان أنه غير مكاتب ولا غارم فعلى الدافع الضمان إماما كان أو مالكا : لأن إخلاله بالبينة التي هي شرط في جواز الدفع تفريط منه ، فإن أمكنه استرجاعها من المدفوع إليه كان مسترجعا لها في حق نفسه لا في حق أهل السهمان لوجوب ضمانها عليه ، فلو دفعها ببينة ، ثم بان أن البينة شهدت بزور أو خطأ كانت البينة ضامنة ، فإن كان الدافع إماما ضمنت البينة ذلك لأهل السهمان وكان الإمام بريئا من الضمان ، وإن كان الدافع مالكا كانت البينة ضامنة للمالك الذي هو رب المال وكان وجوبها باقيا في ذمة رب المال ، والفرق بينهما أن للإمام ولاية على أهل السهمان ليست لرب المال .