مسألة : قال الشافعي : " ولهم أن يأكلوا ويعلفوا دوابهم في دار الحرب ، فإن خرج أحد منهم من دار الحرب وفي يده شيء صيره إلى الإمام " .
[ ص: 167 ] قال الماوردي : يجوز أن يأكلوا طعامهم ، ويعلفوا دوابهم ما أقاموا في دارهم ، ولا يحتسب به عليهم من سهمهم ، لأهل الجهاد إذا دخلوا دار الحرب عبد الله بن مغفل قال : دلي جراب من شحم يوم خيبر ، قال فأتيته فالتزمته وقلت : لا أعطي اليوم منه أحدا شيئا ، ثم التفت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتسم ، فدل تبسمه منه وتركه عليه على إباحته له . لرواية
وروى عبد الله بن أبي أوفى قال : أصبنا طعاما يوم خيبر ، قال : فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه وينصرف ، فدل ذلك على إباحته ، ولأن أزواد المجاهدين تنفد ، ويصعب نقلها من بلاد الإسلام إليهم ، ولا يظفرون بمن يبيعها عليهم ، فدعت الضرورة إلى إباحتها لهم .
فإذا ثبت إباحتها لهم ، فقد اختلف أصحابنا على وجهين : هل تعتبر الحاجة في استباحتها أم لا ؟
أحدهما : وهو قول الجمهور والظاهر من مذهب الشافعي ، أن الحاجة غير معتبرة في استباحتها وأنه يجوز لهم أن يأكلوا ويعلفوا دوابهم مع الحاجة والغنى والوجود والعدم ، واعتبارا بطعام الولائم .
والوجه الثاني : وهو قول أبى علي بن أبي هريرة : إنهم لا يستبيحونه إلا مع الحاجة : اعتبارا بأكل المضطر من طعام غيره هو ممنوع منه إلا عند حاجته ، واعتباره بالمضطر خطأ من وجهين :
أحدهما : أن المضطر لا يستبيح إلا عند خوف التلف وهذا مباح ، وإن لم يخف التلف .
والثاني : أن المضطر ضامن ، وهذا غير ضامن فافترقا .