فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من إباحة الأكل ، جاز أن يأكل ما يقتاته وما يتأدم به ، ويتفكه من ذلك ، ولا يقتصد على الأقوات وحدها باتفاق من أصحابنا ، وهو حجة أبي علي بن أبي هريرة في اعتبار الحاجة ، ويجوز أن منه إذا اتسع قدر ما يقتاته مدة مقامه ، فإن ضاق كان أسوة غيره فيه ، ويجوز أن يدخر ، ولا يذبحها لغير الأكل ، يذبح المواشي ليأكلها روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ذبح البهائم إلا لمأكله .
ولا يجوز أن يتخذ جلودها حذاء ولا سقاء لاختصاص الإباحة بالأكل ، فأشبه طعام الولائم ، ولا يجوز أن يعدل عن المأكولة والمشروب إلى ملبوس ومركوب ، فأما فضربان : طلاء ومأكول . الأدوية
[ ص: 168 ] فأما الطلاء من الدهن والضماد فمحسوب عليه إن استعمله ، وأما المأكول ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه ممنوع منه إلا بقيمة محسوبة عليه من سهمه لخروجها عن معهود المأكول .
والوجه الثاني : أنها مباحة له وغير محسوبة عليه ؛ لأن ضرورته إليها أدعى ، فكانت الإباحة أولى .
والوجه الثالث : أنها إن كانت لا تؤكل إلا تداويا ، حسبت عليه من سهمه ، وإن أكلت لدواء غير دواء لم تحسب عليه .