فصل : وأما الضرب الثاني : وهو كالزبر الأولى ، والصحف المتقدمة . من ادعى كتابا غير مشهور ، ودينا غير معروف
فإن قيل : إنه لا يجري عليهم حكم أهل الكتاب ، لم يقروا على دينهم وإن تحققنا كتابهم .
وإن قيل : إنهم يقرون على دينهم وتحفظ حرمة كتابهم ، فلا يخلو حالهم من ثلاثة أقسام :
أحدهما : أن يتحقق صدقهم ، يعرف كتابهم ، فيكونوا كاليهود والنصارى في إقرارهم بالجزية ، واستباحة مناكحهم ، وأكل ذبائحهم .
والقسم الثاني : أن يتحق كذب قولهم ، وأن لا كتاب لهم ، فيكونوا كعبدة الأوثان في استباحة دمائهم ، وحظر مناكحهم .
والقسم الثالث : أن يحتمل ما قالوه الصدق والكذب ، وليس على أحدهما دليل يقطع به ، فلا يقبل فيهم قول كفارهم .
فإن أسلم منهم عدد يكون خبرهم مستفيضا حكم بقولهم في ثبوت كتابهم وإقرارهم بالجزية على دينهم ، واستباحة مناكحهم .
وإن لم يسلم منهم من يكون خبره مستفيضا متواترا ، ولم يعلم قولهم إلا منهم في حال كفرهم ، فيقرون بالجزية : لأنها مال بذلوه لا يحرم علينا أخذه ، وأصل الدماء على الحظر ، فلا يحل لنا قتلهم .
[ ص: 291 ] فأما استباحة مناكحهم ، وأكل ذبائحهم ، فلا يقبل قولهم فيها : لأنها على أصل الحظر ، فلا تستباح بقول من لا يوثق بصدقه ، والله أعلم .