فصل : وأما القسم الثالث : وهو ، فضربان : ما فتحه المسلمون صلحا
أحدهما : أن نصالحهم على أن يكون ملك الدار لنا دونهم ، ويسكنون معنا فيها بالجزية ، فينظر في بيعهم وكنائسهم ، فإن استثنوها في صلحهم أقرت عليهم : لأن الصلح يجوز أن يقع عاما في جميع أرضهم ، وخاصا في بعضهم ، فيقروا عليها بالصلح ، ويمنعوا من استحداث غيرها ، وإن لم يستثنوها في صلح صارت كأرض العنوة ، هل يملك المسلمون بيعهم وكنائسهم إذا فتحوها ؟ على ما تقدم من الوجهين .
ويكون حكم هذا البلد في منع أهل الذمة في الأقسام الخمسة على ما قدمناه من أحكامنا .
والضرب الثاني : أن نصالحهم على أن يكون ملك الدار لهم دوننا على جزية يؤدونها إلينا ، عن رءوسهم ، أو عن أرضهم ، أو عنهما جميعا ، فيجوز أن يقروا على بيعهم وكنائسهم ، ويجوز أن يستأنفوا فيها إحداث بيع وكنائس : لأنه لم يجر عليها للمسلمين ملك .
فأما الأقسام الخمسة التي يؤخذ أهل الذمة بها في بلاد الإسلام ، فيؤخذ هؤلاء في بلدهم بقسمين منها ، وهو الأول والثاني : لأن الأول هو المقصود بعقد الجزية وهي الأحكام الثلاثة : لأنهم قد صاروا بهذا الصلح من أهل الجزية .
وبالقسم الثاني : وهي الشروط الستة : لأنها محرمات منع الشرع منها . فأما الأقسام الثلاثة الباقية من منكراتهم واستعلائهم ، فلا يؤخذوا بها ، ولا يمنعوا منها : لأنها دارهم ، وهي دار منكر في معتقد وفعل ، فكان أقل أحوالهم فيها أن يكونوا مقرين على ما يقرون عليه في بيعهم وكنائسهم في بلاد الإسلام .