الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا دخل الحربي بأمان الإمام ثم عاد إلى دار الحرب انقضى حكم أمانه ، فإن عاد ثانية بغير أمان غنم حتى يستأنف أمانا : لأنه خاص . فلم يتكرر ، فلو عقد له الأمان على تكرار الدخول صح اعتبارا بصريح العقد ، وكان في عوده وتردده آمنا يقيم في كل دفعة ما شرط له من المدة وإذا كان أمان الحربي من قبل الإمام كان عاما في جميع بلاد الإسلام إلا أن يجعله مقصورا على بلد بعينه ، فلا يصير آمنا في غيره ، وإذا كان أمانه ممن استنابه الإمام كان عاما في بلاد ولايته ولا يكون عاما في بلاد الإسلام كلها : لأن ولاية الإمام عامة ، وولاية النائب عنه خاصة ، وإذا كان أمانه من جهة واحد من المسلمين كان أمانه مقصورا على بلده خاصة ، وفيما كان طريقا له إلى دار الحرب : لأن الأمان يقتضي عوده إلى مأمنه ، ولا يكون له أمان إن يتجاوز ذلك إلى غيره من بلاد الإسلام ، وإذا دخل حربي دار الإسلام وادعى أنه دخلها بأمان مسلم ، فإن كان من ادعى أمانه حاضرا رجع إلى قوله ، فإن صدقه على الأمان قبل قوله : لأنه لو أمنه في حال تصديقه صح أمانه ، وإن أكذبه على الأمان كان الحربي مغنوما ، وإن كان من ادعى أمانه غائبا ففي قبول قول الحربي وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يقبل قوله ، ويكون آمنا كما يقبل قول من ادعى الرسالة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يقبل وإن قبل في الرسالة : لأن إقامة البينة على الرسالة متعذر فقبل قوله فيها ، وإقامتها على الأمان ممكنة ، فلم يقبل قوله فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية