مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن أخذ " . دخلوا بأمان وشرط عليهم أن يؤخذ منهم عشر أو أقل أو أكثر
قال الماوردي : وجملته أنه يجب على الإمام أن يشترط في متاجر أهل الحرب إذا دخلوا بلاد الإسلام لمنافعهم ، وكان انقطاعها عن المسلمين غير ضار بهم حتى يأخذه الإمام منهم من عشر أو أقل أو أكثر بحسب ما يؤديه اجتهاده إليه يكون عبئا مصروفا في أهل الفيء : لأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صالح أهل الحرب في حمل متاجرهم إلى بلاد الإسلام على العشر ، وصالح أهل الذمة في حملها إلى المدينة على نصف العشر ليكون ذلك ضعف ما يؤخذ في زكاة المسلم من ربع العشر : ولأن [ ص: 341 ] الإمام مندوب إلى توفير ما يصل إلى المسلمين من أموال المشركين إما بغنيمة إن قهروا ، وإما بجزية وخراج إن صولحوا ، فكذلك عشر أموالهم إذا اتجروا ، وإن كان ذلك من الشروط الواجبة عليهم كان العرف الذي عمل به الأئمة العشر ، وليس بحد لا يجوز مجاوزته إلى زيادة أو نقصان : لأنه موقوف على ما يؤدي إليه الاجتهاد المعتبر من وجهين :
أحدهما : في كثرة الحاجة إليه وقلتها ، فإن كثرت الحاجة إليه كالأقوات كان المأخوذ منه أقل ، وإن قلت الحاجة إليه كالطرف والدقيق كان المأخوذ منه أكثر ، فإن عمر - رضي الله عنه - أخذ من القطنية العشر ، وأخذ من الحنطة والزبيب نصف العشر .
والثاني : الرخص والغلاء ، فإن كان انقطاعها يحدث الغلاء كان المأخوذ أقل ، وإن كان لا يحدث الغلاء كان المأخوذ أكثر ، وإذا كان الاجتهاد فيه معتبرا من هذين الوجهين عمل الإمام في تقريره على ما يؤديه اجتهاده إليه ، فإن رأى من المصلحة اشتراط العشر في جميعها فعل ، وإن رأى اشتراط نصف العشر فعل ، وإن رأى اشتراط الخمس فعل ، وإن رأى أن ينوعها بحسب الحاجة إليها ، فيشرط في نوع منها الخمس ، وفي نوع العشر ، وفي نوع نصف العشر فعل ، وصار ما انعقد شرطه عليه حقا واجبا في متاجرهم ما أقاموا على صلحهم ، كالجزية لا يجوز لغيره من الأئمة أن ينقضه إلى زيادة أو نقصان ، فإن نقضوا شرطهم بطل حكم الشرط بنقضهم ، وجاز استئناف وصلح معهم يبتدئه بما يراه من زيادة على الأول أو نقصان منه .