مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإذا اشترى النصراني مصحفا أو دفترا فيه أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسخته " .
قال الماوردي : : لما روي أما المصحف فممنوع من بيعه على المشركين ، فإذا منعوا من مسه تعظيما لحرمته : كان منعهم من تملكه واستبذاله أولى . عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يسافر بالمصحف مخافة أن تناله أيديهم
فإن بيع على مشرك كان البيع باطلا قولا واحدا ، وإن كان بيع العبد المسلم على قولين : لأن المصحف لتحريم مسه أغلظ حرمة من العبد الذي لا يحرم مسه .
فأما أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد جمع الشافعي بينها وبين المصحف في المنع من البيع ، وإنما يستويان في المنع ، ويفترقان في البيع ، وإنما منعوا من ابتياع كتب أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صيانة لها من تعرضهم لاستبذالها ، وإن جاز لهم مسها ، فإن ابتاعوها ، فهي ضربان :
أحدهما : أن يكون فيها سيرته وصفته فابتياعهم لها جائز .
والوجه الثاني : أن يكون فيها كلامه من أوامره ونواهيه ، وأحكامه ، ففي البيع وجهان :
[ ص: 392 ] أحدهما : باطل كالمصحف : لأنهما شرع مصان .
والوجه الثاني : جائز لقصوره عن حرمة القرآن .
فأما ، لاستبداعهم فيه ، وأنهم ربما جعلوه طريقا إلى القدح فيه ، فإن ابتاعوه كان البيع باطلا . تفسير القرآن ، فهم ممنوعون من ابتياعه كالقرآن
وأما . كتب الفقه ، فإن صينت عنهم كان أولى ، وإن بيعت عليهم كان البيع جائزا
وأما : لأنه كلام لا يتميز بحرمة . كتب النحو واللغة وأشعار العرب ، فلا يمنعون منها ، ولا تصان عنهم