مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - تعالى : " ولو كان شيئا تطول حياته فذبحه لاستعجال موته ما كرهته " .
قال الماوردي : أما ، فلا يلزم ذبحه ، وإن قدر عليه ، وإن طالت حياته بعد صيده جاز أن ينتظر به موته ، ولا يكره انتظاره ، وجاز أن يعجل ذبحه ، ولا يكره ذبحه ، وفي الاستحباب منها وجهان : السمك
أحدهما : أن تركه ليموت حتف أنفه أولى : لأن موته ذكاة .
والثاني : أن ذبحه أولى ليستعجل الراحة من أبطأ الموت .
وأما إذا قيل بإباحته ، فإن لم يدرك ذبحه حيا بعد صيده حتى مات حل أكله : لأن صيد البر إذا لم يقدر على ذكاته بعد صيده حل أكله ، فكان صيد البحر أولى ، وإن أدرك ذكاته بعد صيده فقد اختلف أصحابنا في وجوب ذبحه وكونه مع القدرة شرطا في إباحته على وجهين : غير السمك من دواب البحر
أحدهما : وهو قول الأكثر منهم أن ذبحه لا يجب ، وأن موته ذكاة كالسمك ، وهذا قول من جمع بين السمك وغيره في الإباحة .
والوجه الثاني : وهو قول من اعتبر حيوان البحر بحيوان البر في الحظر والإباحة فجمع بينهما في الذكاة ، وحرمه مع القدرة عليها إذا مات ، وهذا الجمع فاسد في الأمرين .
[ ص: 64 ] فأما دمه فمن جعل ذكاته شرطا جعل دمه نجسا ، ومن لم يجعل ذكاته شرطا وجعله كالحوت في استباحته بموته ، ففي دمه ودم جميع السمك وجهان :
أحدهما : نجس لعموم قوله تعالى : حرمت عليكم الميتة والدم [ المائدة : 3 ] .
والوجه الثاني : أن دمه طاهر : لأن دم الحي كلحم الميت ، فلما خالف حيوان البر في طهارته بعد الموت خالف في طهارة دمه ، والله أعلم .