الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا صح العقد بينهما على شروطه المعتبرة فيها ، وفي المحلل الداخل بينهما لم يخل حالهما في حال السبق من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يتفقا على تركه في أيديهما ويثق كل واحد منهما بصاحبه فيحملان على ذلك ، ولا يلزم إخراج مال السبق من يد أحدهما إلا بعد أن يصير مسبوقا ، فيؤخذ منه باستحقاقه .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يتفقا على أمين قد تراضيا به ، فيؤخذ مال السبق منهما ويوضع على يده ، ويعزل مالك كل واحد منهما على حدته ، ولا يخلطه ، فإن سبق أحدهما سلم إليه ماله ، ومال المسبوق ، فإن سبق المحلل سلم إليه مال السبقين ولم يكن للأمين أجر على السابق ، ولا على المسبوق إلا عن شرط فإن كانت له أجرة في عرف المتسابقين ، فمن حمله على عرفهم فيه مع عدم الشرط وجهان من اختلافهم فيمن استعمل خياطا أو قصارا ، فعملا بغير شرط هل يستحق مثله أم لا ؟ على وجهين .

                                                                                                                                            أحد الوجهين : أن الأمين يستحق أجرة مثله إذا حكم للصانع بالأجرة ، وتكون على المستبقين لا يختص بها السابق منهما ، لأنهما أجرة على حفظ المالين .

                                                                                                                                            [ ص: 194 ] والوجه الثاني : أنه لا أجرة له وإن جرى بها العرف إذا لم يحكم للصانع بالأجرة .

                                                                                                                                            والحالة الثالثة : أن يختلفا فاختلافهما على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يختلفا في اختيار الأمين مع اتفاقهما على إخراجه من أيديهما ، فيختار الحاكم لهما أمينا يقطع به تنازعهما ، وهل يكون إجباره مقصورا على من تنازعا فيه ، أو يكون على العموم في الناس كلهم ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون مقصورا على اختيار أحد الأمينين اللذين وقع التنازع فيهما ، لانصراف المتسابقين عن اختيار غيرهما .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن يكون عاما في اختيار من رآه من جميع الأمناء ، لأن تنازعهما قد رفع حكم اختيارهما .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يختلفا في إخراجه من أيديهما ، فيقول أحدهما : يكون مال كل واحد منا في يده .

                                                                                                                                            ويقول الآخر : بل يكون موضوعا على يد أمينين ، وعلى هذا الاختلاف يعتبر مال السبق ، فإن كان في الذمة ، فالقول فيه قول من دعا إلى إقراره معه ، لأن العقد على الذمة ، ولا يؤخذ إلا باستحقاق وإن كان معينا ، فالقول فيه قول من دعا إلى وضعه على يد أمين لتعيين الحق فيه ، وأنه لا يوصل إليه من غيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية