فصل : : فإذا صح العقد بينهما على شروطه المعتبرة فيها ، وفي المحلل الداخل بينهما لم يخل حالهما في حال السبق من ثلاثة أحوال
أحدها : أن يتفقا على تركه في أيديهما ويثق كل واحد منهما بصاحبه فيحملان على ذلك ، ولا يلزم إخراج مال السبق من يد أحدهما إلا بعد أن يصير مسبوقا ، فيؤخذ منه باستحقاقه .
والحال الثانية : أن يتفقا على أمين قد تراضيا به ، فيؤخذ مال السبق منهما ويوضع على يده ، ويعزل مالك كل واحد منهما على حدته ، ولا يخلطه ، فإن سبق أحدهما سلم إليه ماله ، ومال المسبوق ، فإن سبق المحلل سلم إليه مال السبقين ولم يكن للأمين أجر على السابق ، ولا على المسبوق إلا عن شرط فإن كانت له أجرة في عرف المتسابقين ، فمن حمله على عرفهم فيه مع عدم الشرط وجهان من اختلافهم فيمن استعمل خياطا أو قصارا ، فعملا بغير شرط هل يستحق مثله أم لا ؟ على وجهين .
أحد الوجهين : أن الأمين يستحق أجرة مثله إذا حكم للصانع بالأجرة ، وتكون على المستبقين لا يختص بها السابق منهما ، لأنهما أجرة على حفظ المالين .
[ ص: 194 ] والوجه الثاني : أنه لا أجرة له وإن جرى بها العرف إذا لم يحكم للصانع بالأجرة .
والحالة الثالثة : أن يختلفا فاختلافهما على ضربين :
أحدهما : أن يختلفا في اختيار الأمين مع اتفاقهما على إخراجه من أيديهما ، فيختار الحاكم لهما أمينا يقطع به تنازعهما ، وهل يكون إجباره مقصورا على من تنازعا فيه ، أو يكون على العموم في الناس كلهم ؟ على وجهين :
أحدهما : أن يكون مقصورا على اختيار أحد الأمينين اللذين وقع التنازع فيهما ، لانصراف المتسابقين عن اختيار غيرهما .
والوجه الثاني : أن يكون عاما في اختيار من رآه من جميع الأمناء ، لأن تنازعهما قد رفع حكم اختيارهما .
والضرب الثاني : أن يختلفا في إخراجه من أيديهما ، فيقول أحدهما : يكون مال كل واحد منا في يده .
ويقول الآخر : بل يكون موضوعا على يد أمينين ، وعلى هذا الاختلاف يعتبر مال السبق ، فإن كان في الذمة ، فالقول فيه قول من دعا إلى إقراره معه ، لأن العقد على الذمة ، ولا يؤخذ إلا باستحقاق وإن كان معينا ، فالقول فيه قول من دعا إلى وضعه على يد أمين لتعيين الحق فيه ، وأنه لا يوصل إليه من غيره .