فصل : والشرط الثالث : أن يكون معلوما ليعرف به الناضل من المنضول ، وأكثر ما يجوز أن يشترط فيه الإصابة ، فأنقص من عدد الرشق المشروط بشيء وإن قل ليكون متلافيا للخطأ الذي يتعذر أن يسلم منه المتناضلان ، فقد قيل : إن أحذق الرماة في العرف من أصاب من العشرة ثمانية ، فإن شرط إصابة الكل من الكل بطل ، لتعذره في الأغلب ، وإن شرط إصابة ثمانية من العشرة جاز ، فإن عدد الإصابة من الرشق ، ففيه وجهان : شرط إصابة تسعة من العشرة
أحدهما : يجوز لبقاء سهم الخطأ .
والوجه الثاني : لا يجوز لأن إصابته نادرة .
فأما أقل ما يشترط في الإصابة فهو ما يحصل فيه القصد ، وهو ما زاد على الواحد ، وقد نص الشافعي في كتاب الأم على مسألة ، فقال : ( فلو تناضلا على أن الرشق عشرة ، والإصابة من تسعة ، لم يجز ) واختلف أصحابنا في تأويلها على وجهين :
[ ص: 202 ] أحدهما : تأويلها أن يشترط إصابة تسعة من عشرة فيبطل على ما ذكرناه من أحد الوجهين .
والثاني : تأويلها أن يشترط أن يكون الرشق عشرة ، والإصابة محتسبة في تسعة دون العاشر فيبطل وجها واحدا لاستحقاق الإصابة في جميع الرشق به ، فإن أغفلا عدد الإصابة وعقداه على أن يكون الناضل منهما أكثرهما إصابة ، ففيه وجهان :
أحدهما : من التعليلين في اشتراط فعله في سباق الخيل إذا عقداه إلى غير غاية ليكون السابق من تقدم في أي غاية كانت ، وهو باطل في الخيل لعلتين :
إحداهما : أن من الخيل ما يقوى جريه في ابتدائه ، وتضعف في انتهائه ، ومنها ما هو بضده ، فعلى هذا يكون النضال على كثرة الإصابة باطلا : لأن من الرماة من تكثر إصابته في الابتداء وتقل في الانتهاء ، ومنهم من هو بضده .
والتعليل الثاني : أن إجراء الخيل إلى غير غاية مفض إلى انقطاعها ، فعلى هذا يجوز النضال على كثرة الإصابة ؛ لأنه غير مفض إلى انقطاع الرماة .