الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 208 ] مسألة : قال الشافعي : ( ولا يجوز السبق إلا معلوما كما لا يجوز في البيوع ) .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح يريد بالسبق المال المخرج في العقد ، فلا يصح معه العقد حتى يكون معلوما من وجهين ، إما بالتعيين كاستباقهما على عين شاهد ، وإما بالصفة كاستباقهما على مال في الذمة ؛ لأنه من عقود المعاوضات كالبيع والإجارة ، فإن تسابقا على ما يتفقان عليه أو على ما يحكم به زيد كان باطلا للجهالة به عند العقد .

                                                                                                                                            ولو تسابقا وتناضلا على مثل ما يسابق أو يناضل به زيد وعمرو . فإن كان ذلك بعد علمهما بقدره صح ، وإن كان قبل علمهما بقدره بطل ، ولو كان لأحدهما في ذمة الآخر قفيز من حنطة ، فتناضلا عليه ، فإن كان القفيز مستحقا من سلم لم يصح لأن المعاوضة على السلم قبل قبضه لا تصح ، وإن كان عن غصب صح ؛ لأن المعاوضة عليه قبل قبضه تصح ، وإن كان من قرض ، فعلى وجهين من الوجهين في صحة المعاوضة عليه قبل قبضه ، ولو تناضلا على دينار إلا دانقا صح ، ولو تناضلا على دينار إلا درهما لم يصح لأن يكون بالاستثناء من جنسه معلوما ، وبالاستثناء من غير جنسه مجهولا ، ولو تناضلا على دينار معجل وقفيز حنطة مؤجل صح ؛ لأنه على عوضين حال ومؤجل ، ولو تناضلا على أن يأخذ الناضل دينارا ويعطي درهما لم يجز لأن الناضل من شرطه أن يأخذ ولا يعطي ، ولو تناضلا على دينار بذله أحدهما فإن نضل دفعه ، ولم يرم أبدا أو شهرا كان العقد فاسدا لأنه قد شرط فيه الامتناع ، وهو مندوب إليه ، فبطل وإذا تناضلا وقد فسد العقد بما ذكرنا ، فنضل أحدهما ، فإن كان الناضل باذل المال ، فلا شيء على المنضول ، وإن كان الناضل غير الباذل ففي استحقاقه لأجرة مثله على الباذل وجهان على ما مضى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية