[ ص: 209 ] مسألة : قال الشافعي : ( وقد رأيت ولا يجوز في القياس عندي إلا أن يتشارطا ) . من الرماة من يقول صاحب السبق أولى أن يبدأ والمسبق لهما يبدئ أيهما شاء
قال الماوردي : أما ؛ لأنهما في السبق يتساويان في الجري معا لا يتقدم أحدهما على الآخر . اشتراط الابتداء فهو معتبر في الرمي دون السبق
وأما ولا يرميان معا لاختلاط رميهما ، ولما يخاف من تنافرهما ، فإن شرطا في العقد البادئ منهما بالرمي كان أحقهما بالابتداء سواء كان المبتدئ مخرج المال أو غير مخرجه ، فإن أراد بعد استحقاقه التقدم أن يتأخر لم يمنع ؛ لأن التقدم حق له ، وليس يحق عليه وإن الرمي فلا بد أن يبتدئ به أحدهما قبل الآخر ، ففي العقد قولان : أغفل في العقد اشتراط البادئ بالرمي
أحدهما : وهو اختيار الشافعي في هذا الموضع أن العقد باطل : لأن للبداية تأثيرا في قوة النفس ، وكثرة الإصابة ، فصارت مقصودة ، فبطل العقد بإغفالها .
والقول الثاني : أن العقد صحيح ، وإن غفلت فيه البداية . وقد حكاه الشافعي عن بعض فقهاء الرماة : لأنه من توابع الرمي الذي يمكن تلافيه بما تزول التهمة فيه من الرجوع إلى عرف أو قرعة ، فعلى هذا إن كان مخرج المال أحدهما كان هو البادئ بالرمي اعتبارا بالعرف ، وفيه وجه آخر أنه يقرع بينهما ، وإن كان باذل المال غيرهما كان لمخرج المال أن يقدم من شاء منهما اعتبارا بالعرف .
وفيه وجه آخر : أن يقرع بينهما ، فإن كانا مخرجين للمال ، أقرع بينهما لتكافئهما ، وهل يدخل المحلل في قرعتهما أو يتأخر عنهما على وجهين :
أحدهما : يتأخر ولا يدخل في القرعة إذا قيل إن مخرج المال يستحق التقدم .
والوجه الثاني : يدخل في القرعة ولا يتأخر إذا قيل إن مخرج المال لا يتقدم إلا بالقرعة .