الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن سبقه ولم يسم الغرض كرهته ، فإن سمياه كرهت أن يرفعه أو يخفضه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما الغرض في اللغة ، فهو اسم للمراد بالفعل المقصود ، وهو أخص من الإرادة ؛ لأن الغرض ما اقترن بالفعل ، والإرادة قد تعم ، فتكون بفعل وغير فعل ، وهو مستعمل في النضال وله فيه حقيقة ومجاز ، فحقيقة الغرض في النضال : محل الإصابة من الهدف ، ومجازه في النضال موقف الرامي عند رمي الهدف .

                                                                                                                                            وإذا كان كذلك وجب أن يصف الغرض الذي هو محل الإصابة والغرض الذي هو موقف الرامي : ليكون حكم المسألة فيما أريد بها منهما معلوما بعد تفسيرهما ومعرفتهما .

                                                                                                                                            أما الغرض في الهدف ، فقد ذكرنا أن الهدف هو بناء ينصب فيه الغرض ، والغرض يشتمل على شن وجريد وعرى ومعاليق .

                                                                                                                                            فالشن هو الجلد .

                                                                                                                                            والجريد : هو الخشب المحيط بالشن ، حتى ينبسط فيه كحلقة المنخل ، وأما العرى : فهو كالحلق حول الشن .

                                                                                                                                            فأما المعاليق : فهي أوتار يشد بها عرى الشن إلى أوتاد في الهدف ، وفي الشن دائرة هي أضيق منه ، وفي الدائرة هلال هو أضيق ، وفي الهلال خاتم هو أضيق منه ، فأحذق الرماة من يشترط إصابة الخاتم ، فلا يحتسب له بعصابة الهلال ، وما زاد ثم يليه من يشترط إصابة الهلال ، فلا يحتسب له أصابة الدائرة ، وما زاد ، ثم يليه من يشترط إصابة الدائرة ، فلا يحتسب له بإصابة الشن ، وما زاد ثم يليه من يشترط إصابة الشن ، فلا يحتسب له ببقية الغرض ، وما زاد ثم يليه من يشترط إصابة الغرض ، فيحتسب بإصابة الشن ، والشن والعرى ، وفي الاحتساب له بإصابة المعاليق قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : يحتسب بها كالعرى .

                                                                                                                                            والثاني : لا يحتسب بها كالأوتاد ولهم في محل الغرض من الهدف عادات مختلفة ، فمنهم من يرفعه ويسمونه " جواني " ، ومنهم من يخفضه ويسمونه " ميلاني " ، ومنهم من يتوسط فيه ويسمونه " نطحاني " .

                                                                                                                                            وأما الغرض في موقف الرامي ، فهو مقام الرامي في استقبال الهدف يرميه من مسافة مقدرة تقل الإصابة ببعدها ، وتكثر بقربها ، ويحتاج في القريبة إلى القوس اللينة حتى لا يمرق السهم ، وفي البعيدة إلى القوس الشديدة حتى يصل السهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية