قال الماوردي : لا يخلو حاله إذا قال : لعمر الله لأفعلن كذا من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يريد به اليمين ، فتكون يمينا مكفرة ؛ لأن للناس في معناه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه علم الله ، قاله قتادة .
والثاني : بقاء الله ويشبه أن يكون قول ابن عباس .
والثالث : وحق الله وأي هذه المعاني كان ، فهو من صفات ذاته .
[ ص: 274 ] والحال الثانية : أن لا يريد يمينا فلا تكون يمينا .
وقال أبو حنيفة : تكون يمينا وإن لم يردها : لأنه من صفات ذاته .
ودليلنا هو أن لفظه قد صار في العرف مستعملا في غير الأيمان مثل قولهم : لعمري لقد كان كذا ، ومن قول الشاعر :
لعمرك ما يدري امرؤ كيف يتقي نوائب هذا الدهر أم كيف يحذر
فجاز أن يكون محمولا على العرف بالإرادة ، فلا تكون يمينا لخروجه عن حكم الصفات المحضة .والحال الثالثة : أن يطلقه ، ولا تكون له فيه إرادة ، ففيه وجهان :
أحدهما : تكون يمينا لما اقترن به من عرف الشرع في قوله تعالى : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون [ الحجر : 72 ] .
والوجه الثاني : أن لا تكون يمينا لأن عرف الاستعمال فيه مشترك ، وعرف الشرع فيه محتمل ؛ لأن قوله : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون قسم من الله تعالى برسوله ، وأقسام الله تعالى مخالفة لأقسام عباده ، لجواز قسمه بالمخلوقات التي لا يجوز أن يقسم بها المخلوقون .