مسألة : قال الشافعي : ولو قال وحق الله أو وعظمته أو وجلال الله أو وقدرة الله ، فذلك كل يمين نوى بها يمينا ، أو لا نية له ، وإن لم يرد يمينا ، فليست بيمين : لأنه يحتمل أن يقول : وحق الله واجب وقدرة الله ماضية ، لا أنه يمين .
[ ص: 275 ] قال الماوردي : ذكر الشافعي هاهنا . إذا حلف بأربعة أشياء ب " وحق الله " ، و " عظمة الله " ، و " جلال الله " ، و " قدرة الله "
فأما وعظمة الله وجلال الله فهو يمين في الأحوال الثلاثة ، سواء أراد به اليمين أو لم يرد : لأنها من صفات ذاته المحضة ، فلم يعتبر فيها عرف شرع ولا استعمال ، وإن كان عرف الاستعمال فيها موجودا ، وإنما يعتبر العرفان فيما كان من الصفات محتملا ، ولا يعتبر فيما زال عنه الاحتمال .
وأما قوله : وحق الله ، وقدرة الله ، فتكون يمينا في حالتين من ثلاث إذا أراد اليمين وإذا أطلق .
وقال أبو حنيفة : إذا قال : وحق الله ، لا تكون يمينا في الأحوال كلها سواء أراد به اليمين أو لم يرد ؛ لأن حقوق الله تعالى فروضه وعباداته ، لرواية عبادة بن الصامت قال : . قلت : يا رسول الله ! ما حق الله على عباده : فقال : أن لا تشركوا به شيئا وتعبدوه وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة
ودليلنا شيئان :
أحدهما : أنها يمين معتادة بصفة عامة أضيفت إلى الله تعالى ، فوجب أن تكون يمينا كصفات ذاته من العظمة والعزة .
والثاني : أنها يمين مستحقة من صفات ذاته ، فجرى عليها حكم صفات الذوات .
وأما الخبر فلا دليل فيه ؛ لأنه بين بعض حقوقه ، وقد تحتمل العبادات ، وتحتمل صفات الذات ، فجاز أن تعتبر فيه الإرادة بحمله على أحدهما .
وأما إذا أراد غير اليمين ، فقد قال الشافعي : " يعمل على إرادته " فلا تكون يمينا ، لما علل به من جواز أن يريد . وحق الله واجب ، وقدرة الله ماضية ، فاختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه لا تكون يمينا على ما أجاب به الشافعي ، وعلل به .
الوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، أنه لا تكون يمينا في حقوق الله تعالى ، وتكون يمينا في حقوق الآدميين .
والوجه الثالث : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه لا تكون يمينا بالإرادة إذا عزاه إلى أمر محتمل ، وتكون يمينا إذا لم يعزه إلى أمر محتمل .