مسألة : قال الشافعي : واحتج على من قال : إن " ولا يطعم أقل من عشرة مساكين أجزأه ، وإن كان في أقل من ستين لم يجزه ، فقال أراك جعلت واحدا ستين مسكينا ، فقد قال الله : أطعم مسكينا واحدا مائة وعشرين مدا في ستين يوما وأشهدوا ذوي عدل منكم فإن شهد اليوم شاهد بحق ، ثم عاد من الغد فشهد به ، فقد شهد بها مرتين ، فهو كشاهدين ، فإن قال : لا يجوز لأن الله عز وجل ذكر العدد ، قيل وكذلك ذكر الله للمساكين العدد " .
قال الماوردي : وهو كما قال : لأن الله تعالى قد نص على عددهم في الكفارة ، فوجب أن يستحقها عشرة مساكين ، وإن دفع إلى مسكين واحد مدين أجزأه أحدهما ، [ ص: 306 ] ولم يجزه الآخر سواء دفعه إليه في يوم واحد أو في يومين .
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : " إذا دفع له حق مسكين في يوم واحد لم يجزه ، وإندفع إليه في يومين أجزأه حتى قال : لو دفع إلى مسكين حق عشرة مساكين في عشرة أيام أجزأه وقام مقام عشرة مساكين ، فاعتبر عدد الإطعام ، ولم يعتبر عدد المساكين " . والشافعي يعتبرهما معا ، ويمنع أن يأخذ مسكين واحد من كفارة واحدة مرتين ليستوفي العدد الذي أمره الله تعالى به كما يستوفيه في الوصايا لو أوصى بإطعام عشرة مساكين : فكان في حقوق الله تعالى من الكفارات أولى ، وقد مضت هذه المسألة مع أبي حنيفة في كتاب الظهار .