الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو حلف أن لا يركب دابة العبد فركب دابة العبد ، لم يحنث ؛ لأنها ليست له إنما اسمها مضاف إليه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا حلف لا يركب دابة هذا العبد وكان سيده قد [ ص: 456 ] أعطاه دابة جعلها برسم ركوبه ، ولم يملكه إياها فركبها الحالف لم يحنث ، وكذلك لو قال : لا سكنت دار هذا العبد ، وكان سيده قد أعطاه دارا جعلها مسكنه لم يحنث .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يحنث في الدابة ولا يحنث في الدار ، وفرق بينهما بأن تصرف العبد في الدابة أقوى من تصرفه في الدار ، وهذا فاسد من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن إضافتهما إليه سواء في الحكم ، فلما لم يحنث في الدار لعدم ملكه ، وجب أن لا يحنث في الدابة ؛ لأنها على غير ملكه .

                                                                                                                                            والثاني : أن الإضافة محمولة على الملك حقيقة ، وعلى اليد مجازا ، والأيمان محمولة على الحقائق دون المجاز ، كما لو كانت الدابة في يد سائسها ، فإن قيل : لو حلف لا يملك ثمرة هذه النخلة حنث بملكها ، وإن لم تكن إضافة ملك ، قيل : لما استحال فيها إضافة الملك حملت على ما لا يستحيل لوجوده في شواهد المعقول ، وهي على الضد من الإضافة إلى العبد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية