الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فقال الأشعري في بعض كتبه: (قال بعض أصحابنا: أول الواجبات الإقرار بالله تعالى وبرسله وكتبه ودين الإسلام. وقال أيضا: لو سأل سائل عمن ورد من الصين ورأى الاختلاف، ماذا يلزمه؟ فقال: عنه جوابان: أحدهما: أن يلزمه [ ص: 408 ] النظر ليعرف الحق فيتبعه. والثاني: يلزمه اتباع الحق وقبول الإسلام، ثم تصحيح المعرفة بالنظر والاستدلال على أقل ما يجزئه) .

وقد تنازع أصحابه وغيرهم في النظر في قواعد الدين: هل هو من فروض الأعيان، أو من فروض الكفايات؟ والذين لا يجعلونه فرضا على الأعيان، منهم من يقول: الواجب هو الاعتقاد الجازم. ومنهم من يقول: بل الواجب العلم، وهو يحصل بدونه. كما ذكر ذلك غير واحد من النظار من أصحاب الأشعرية وغيرهم، كالرازي والآمدي وغيرهما.

والذين يجعلونه فرضا على الأعيان، متنازعون: هل يصح الإيمان بدونه وتاركه آثم، أم لا يصح؟ على قولين. والذين جعلوه شرطا في الإيمان، أو أوجبوه، ولم يجعلوه شرطا اكتفوا بالنظر الجملي دون القدرة على العبارة والبيان، ولم يوجب العبارة والبيان إلا شذوذ من أهل الكلام.

ولا ريب أن المؤمنين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة والتابعين، لم يكونوا يؤمرون بالنظر الذي ذكره أهل الكلام المحدث، كطريق الأعراض والأجسام.

لكن هل يقال: مجرد الاعتقاد الجازم كان كافيا لهم؟ أم لا بد من علم يحصل بالنظر؟ أم يحصل علم ضروري بغير الطريقة النظرية؟ فهذا مما تنوزع فيه. [ ص: 409 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية