الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فصــل

                                                                                                                وإن كان المشتري سلطانا أو عظيما : ذكرت من النعوت ما جرت به العادة لمثل ذلك العظيم ، وإن اشترى وكيله له : بدأت بذكر العظيم فقلت : هذا ما اشترى فلان الفلاني إلى آخر نعوته ، وكيله وعدى نعمته ، والمعترف بخدمته ، فلان بن فلان المبارك النامي ، وأمره العالي ، وتوكيله إياه في ابتياع ما يذكر فيه ، بالثمن الذي تعين فيه ، وفى التسليم والتسلم الذي يشرح فيه ، شهد عليه بذلك - أدام الله أيامه - من يتعين فيه برسم شهادته آخره ، من فلان بن فلان الفلاني جميع الدار الفلانية ، وتكمل المبايعة ، وإن كان البائع وكيل السلطان لبيت المال ، كتبت مشروحا على بعض المهندسين بشاهدين مثاله ، مشروح رقمه كل واحد من فلان وفلان على العقار بالبلد الفلاني بقبضه حال الدار الكاملة الجارية في ديوان المواريث الحشوية ، فتوصف وتحدد وتذكر حقوقها ، أنهما شاهدا الدار المذكورة على الصفة المشروحة أعلاه ، وأحاطوا بها علما وخبرة ، وكتب هذا المشروح ليبقى علمه في الديوان المعمور ، وتؤرخ ، ثم تكتب مسطور المهندسين ، وشهد في آخره شهود القيمة والمهندسون ، مثاله : يقول كل واحد من فلان وفلان وفلان المهندسين عن العقار بالبلد الفلاني : أنهم صاروا صحبة القاضي فلان وكيل بيت المال المعمور إلى جنب الدار التي ذكرها ووصفها وحددها فيه ، الجارية في ديوان المواريث الحشرية وهي بالبلد الفلاني ، وتوصف وتحدد ، وشاهدوها بالنظر ، وأحاطوا بها علما وخبرة ، وقوموها بما مبلغه كذا وكذا ، وقالوا : إن ذلك قيمة المثل يومئذ لا حيف فيه ولا [ ص: 366 ] شطط ولا غبينة ولا فرط ، وأن الحظ والمصلحة في البيع بذلك ، وتؤرخ ، ثم تكتب مسطورا على سماسرة العقار ، على ظهر الحجة ، مثاله : يقول كل واحد من فلان وفلان المناديين على العقار بالبلد الفلاني : أنهم أشهروا ما ذكر باطنه في مظان الرغبات ، ومواطن الطلبات ، في صقعها وغيره من الأصقاع ، دفعات متفرقة ، وأوقات متعددة ، فلم يسمعوا ولا حضر إليهم زائد على ما قوم باطنه ، وتؤرخ ، وشهد عليهم ، ثم تكتب قضية يوقع المقام السلطاني ، ويكتب عليها صاحب الديوان ، ويخرج على ظهرها الحال ، ثم يوقع صاحب الديوان ، ثم يجاوب وكيل بيت المال ، ثم يوكل صاحب الديوان ، ويلصق الحجة على القصة ، فإذا كمل ذلك ، كتبت مبايعة من وكيل بيت المال المعمور ، القائم في بيع ما يذكر فيه بحكم الوكالة التي بيده ، المفوضة إليه من المقام السلطاني ، وتذكر النعوت المدعاة التي جعل له فيه بيع ما هو جار في أملاك بيت المال المعمور وغير ذلك مما نص وشرح فيها الثابت في مجلس الحكم العزيز ، بالبلد الفلاني ، الثبوت الصحيح الشرعي المتوجه با [ . . . ] مثالها كذا أنثى منه محضه ذلك [ . . . ] جميع الدار الفلانية الجارية في رباع المواريث الحسرية المقبوضة عن فلان المتوفى ، أو الذي أظهرها الكشف ، وتوصف وتحدد ، شراء صحيحا شرعيا بثمن مبلغه كذا حالة ، وذلك محمول إلى بيت المال المعمور على ما يشهد به وصول بيت المال المعمور المشروح آخره ، وتسلم المشتري المذكور ما ابتاعه بعد النظر والمعرفة والمعاقدة الشرعية ، والتفرق بالأبدان عن تراض ، وانقضى أمد الخيار الشرعي الذي اشترطه البائع على المشتري المذكور ، وهو كذا ، وأقر المشتري المذكور أن ذلك جار في أملاك بيت المال المعمور ، والسبب في هذه المبايعة : أن المشتري المذكور رفع قصة مترجمة باسمه إذ هي فيها بعد البسملة والدعاء ، وتنقل [ ص: 367 ] جميع ما في القصة ، فوقع على ظهرها من جهة متولي الديوان ، مثاله : امتثل المرسوم ، وتنقل أولها إلى عقد الصفة فتكتب : وقد ذكر فيه من الصفات والحدود ما وفق أعلاه ، وتكتب تاريخه ، ثم تلاه توقيع كريم ، مثاله : ليقف المجلس ، وتنقل جميع ما فيه ، ثم تلاه جواب متولي الوكالة الشريفة بما مثاله : امتثل المملوك فلان ، وتنقل جميع ما فيه فنحى هذا المشتري وصولا من بيت الملك المعمور في هذا . شهد له بحمل الثمن المذكور ، ونسخته بعد البسملة ، وتنقل جميع ما فيه ، ثم تلاه توقيع كريم مثاله إذا كان ، وتنقل جميع ما فيه ، وذلك إن أخذت الحجة الملصقة بأعلا التوقيع الديواني المتضمنة الإشهاد على كل واحد من فلان وفلان المهندسين على العقار والبلد الفلاني أن القيمة المعينة فيها وهي من الدراهم كذا ، هي قيمة المثل يومئذ لا حيف فيها ولا شطط ، ولا غبينة ولا فرط ، وأن الحظ والمصلحة في البيع بذلك ، وهي مؤرخة بكذا ، وبآخرها رسم شهادة فلان وفلان شهدا بأن القيمة المذكورة قيمة المثل ، وهذا لا حيف فيها ولا شطط ، وعلى ظهر هذا الإشهاد على فلان وفلان المناديين على العقار بالبلد الفلاني ، بأنهما أشهرا ذلك في مظان الرغبات بصقعه وغيره ، فلم يحضر من بذل زائدا على ما قوم ، فلما تكامل ذلك كله ووقع الإشهاد على القاضي فلان البائع والمشتري بما نسب إلى كل منهما بتاريخ كذا .

                                                                                                                فصــل

                                                                                                                ينبغي أن تكتب في الهبات والصدقات وجميع هذه التمليكات : أنهما عارفان بما وقع التمليك فيه احترازا من مذهب ( ش ) لأنه يشترط العلم بذلك .

                                                                                                                فـرع

                                                                                                                إذا باع رجلان حصتين مختلفتين ، عينت ما لكل حصة من الثمن لتوقع الاستحقاق ، فيتعين ما يرجع به المستحق منه ، ولأن ابن القاسم يحرم جميعها سلعتين من غير بيان الثمن ; لأن كل واحد لا يدري بما باع سلعته ، وأجازه أشهب .

                                                                                                                [ ص: 368 ] فـرع

                                                                                                                قال ابن العطار في وثائقه : لا يجوز عن ابن القاسم البيع على التزام ما على الأرض أو غيرها من المغرم ; لأنه عذر ، وأجازه أشهب للضرورة ; لأن السلطان لا يترك المغارم وهي متعلقة بالأرض .

                                                                                                                فـرع

                                                                                                                قال : إذا اشترى بيتا من دار أو قطعة منها . وسكتا عن التصرف ، فللمبتاع الدخول والخروج ، والتصرف في دار البائع ، والانتفاع بمرافقها ، فإن اشترطا عدم ذلك فسخ البيع ; لأنه من إضاعة المال ، وإن استحقت الدار التي للمبتاع الذي اشترى البيت وصرفه إليها انفسخ البيع في البيع ، وصرف إلى بائعه ، ورد البائع الثمن لأنه يبقى إليه فلا مدخل إليه ، وكذلك إذا اشترى قطعة بستان لتصرفه لبستانه ، واستحق البستان فانفسخ البيع لأنه يبقى بلا ماء ، وقاله ابن أبي زيد .

                                                                                                                فـرع

                                                                                                                قال إذا كان الأخرس أعمى امتنعت معاملته ومناكحته ; لأن الإشارة منه متعذرة .

                                                                                                                تنبيه : فائدة قولنا : شهد على إشهاد المتبايعين ، دون قولك : شهد عليهما بذلك . الخروج من الخلاف في أن المقر لا يشهد عليه حتى يأذن ، ولأن المقر إذا قال : اشهدوا علي ، كان في غاية التحرز ، بخلاف أن يسمعه ولا يقصد إشهادا عليه ، فهو زيادة وثوق ثبوت الحق وانتفاء الريبة ، وقولنا في الحدود : الحد القبلي ينتهي إلى دار فلان ، أولى من قولنا : آخرها دار فلان ; لأن آخر الشيء منه ، فيلزم دخول دار فلان في البيع ، وكذلك إذا قلت : حدها دار فلان ردا لدخول الخلاف في دخول الحد في المحدود ، وقولنا : اشترى فلان من فلان جميع الدار خير من قولنا داره ; لأن الإضافة إليه تقتضي اعتراف المشتري له بالملك ، فيمتنع [ ص: 369 ] رجوعه عليه بالثمن عند الاستحقاق ، وإذا كانت الدار مشهورة بحد واحد وقلت : شهرتها تغني عن تحديدها ، ومن الموثقين من يصف جدارات الدار طولا وعرضا وارتفاعا ، والسقوف وغير ذلك ; لاحتمال وقوع الاستحقاق بعد الفوت والتغيير ، فيرجع بالقيمة على الصفة قبل التغيير .

                                                                                                                فصـل

                                                                                                                وتكتب في بيع الأنقاض : هذا ما اشترى جميع أنقاض الدار القائمة على قاعة لفلان بن فلان بمدينة كذا ، في صقع كذا وحدودها كذا بما للأنقاض المذكورة من الخشب والقصب والألواح والأدوار والرخام والبلاط والجوائز والحجر والآجر والطوب والتراب واللعب على شرط أن يقلعها البائع وتكون له مقلوعة بعد معرفتهما بقدر المبيع المذكور وصفته وتفاصيله وما ينتهي إليه خطر قلع الأنقاض المذكورة ووقوف المبتاع على ما هو مستور من الأنقاض من ظهور العيب وأطراف الجوائز والأسس .

                                                                                                                فـرع

                                                                                                                قال ابن القاسم الموثق في وثائقه : لا يجوز بيع النقض على التبقية ; لأنه غرر ، ولا يجوز بيعه على أن يعطي السلطان وصاحب القاعة كراءها شهرا بشهر ; لأنه كراء إلى غير أجل ، ولأنه يشبه شراء القرية بشرط ما عليها من الغرم ، وأجاز مالك بيع النقض كالمقاثي ، وخالفه غيره .

                                                                                                                فصـل

                                                                                                                وتكتب في بيع الأهوية : ابتاع فلان بن فلان ما فوق سقف البيت القبلي من داره [ ص: 370 ] التي بموضع كذا ، وهو البيت الذي بابه إلى ناحية كذا ليبني عليه المبتاع غرفة يكون بناء جدارها بالآجر أو بالحجر والجبس ، وارتفاعه كذا وعرضه كذا ، ومفتح بابها إلى ناحية كذا في داخل كذا إلى جانب كذا ، أو المحجة ، وفرشها كذا وكذا جائزة من خشب ، غلظ كل خشبة كذا ، وطولها كذا ، ويفرشها بألواح صفتها كذا ، وتكمل العقد .

                                                                                                                فـرع

                                                                                                                قال ابن القاسم الموثق : على البائع إصلاح حيطانه ; لأنه التزم الحمل ، وعلى المبتاع إصلاح ما هو على المبتاع إن اشترط ، وإلا فهل هو على البائع لأنه سقفه أو المبتاع لأنه أرضه ؟ قولان : أصحهما الأول ، ويمتنع بيع المبتاع لما فوق غرفته ; لأنه زيادة ثقل على ملك الغير إلا أن يأذن له .

                                                                                                                فصـل

                                                                                                                وتكتب في السلم : أسلم فلان بن فلان مائة درهم من سكة البلد الفلاني ، وقد قبضها منه قبل افتراقهما في خمسين إردبا من القمح الأحمر المسمى اليابس السالم من العلث والطين والسوس ، الجديد ، بكيل الموضع الفلاني يوفيه إياه في أول شهر كذا ، وكذلك تذكر في كل سلم : الأوصاف التي تتعلق بها الأغراض في ذلك المسلم فيه ، ومكانه وزمانه ، ومكان قبضه ، وتفرقهما بعد قبض الثمن حذرا من الغرر والدين بالدين .

                                                                                                                تنبيه : كل عقد يتعلق به غرضان ، ينبغي أن يكتب في ثلاث نسخ ، عند القاضي واحدة وعند المتعاقدين اثنتان لكل واحد واحدة ، كبيع الوصي يحتاجها ليلا يتهم بالبيع بدون القيمة ، فشهد له بالقيمة يحتاجها ليلا يضيعها أو إحداهما ، فربما اتهم بالجور في الحكم ، وتمتنع الخصومة بظهور النسخة من جهته ، وكذلك الوفاة وحصر الورثة وحفظ الحرام لنسخ الإسجالات لطفا بالناس .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية