الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 167 ] الباب الرابع

                                                                                                                في صفة الأداء

                                                                                                                قاعدة : صفة الإخبارات هي الأصل ، وقد ينتقل في العرف فيصير إنشاء ، والفرق من ثلاثة أوجه : الخبر يحتمل التصديق والتكذيب بخلاف الإنشاء ، والخبر تابع لمخبره ، والإنشاء متبوع ، والخبر ليس سببا مؤثرا في مدلوله بخلاف الإنشاء ، ثم النقل عن الخبرية قد يكون في الفعل الماضي فقط نحو : بعت . واشتريت ، وزوجتك ابنتي هذه فيقول الآخر قبلت وفي الفعل المضارع فقط نحو : أشهد عندك ولو قلت : شهدت لم تقبل شهادتك لبقائه على أصل الخبرية فهو كذب ؛ لأنك لم تشهد قبل ذلك بشيء ، وقد ينتقل مجموعهما ، نحو : أقسمت بالله ، ولأقسم بالله ، فكلاهما يوجب الكفارة ، والقسم هو جملة إنشائية يؤكد بها جملة أخرى .

                                                                                                                تمهيد : قال صاحب المقدمات : إجابة الشاهد لمن دعاه واجبة . لقوله تعالى ( وأقيموا الشهادة لله ) ولقوله تعالى : ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) وقد تقدم في باب تحمل الشهادة الخلاف في هذه الآيات ولقوله تعالى : ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) زالته . فإن لم يدع فقد قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : [ ص: 168 ] ) خير الشهود الذي يأتي شهادته قبل أن يسألها ) قال : وهو محمول على وجهين : حقوق الله عز وجل ، فإن كان لا يستدام فيه التحريم جاز له التأخير ، لأنه ستر سترته عليه ، لقوله _ صلى الله عليه وسلم _ لهزال : ( هلا سترته بردائك ) فإن علم الإمام : قال ابن القاسم : يكتمه الشهادة ، ولا يشهد في ذلك إلا في تجريح إن شهد على أحد ، أو يستدام فيه التحريم كالطلاق والعتق والأحباس والمساجد ونحوها ، فيلزمه التعجيل ، وإن أخر سقطت شهادته ؛ لأن سكوته - والمفسدة تتكرر - جرحة ، قاله ابن القاسم ، قال عبد الملك وأصبغ : يقبل . فإن قام غيره بالفرض سقطت عنه ، وكان قيامه استحبابا ؛ لأنه أعانه على الحق ، وأما حقوق الآدمي فيخير صاحب الحق ، فإن لم يخيره أبطل ابن القاسم شهادته دون سحنون .

                                                                                                                وفي الباب تسعة فروع :

                                                                                                                الفرع الأول

                                                                                                                في الكتاب : إذا شهدت البينة على غائب قدم قبل الحكم ، لم تعد البينة ، لأنه يقضي عليه غائبا ، بل يخبر بالشهادة ، فإن كان له حجة وإلا حكم عليه .

                                                                                                                الفرع الثاني

                                                                                                                قال : لا يكفي أنه ابن الميت ، حتى يقولوا في حضر الورثة : لا يعلمون وارثا غيره ، وكذلك : هذه الدار لأبيه أو جده ، حتى يقولوا : ولا نعلم خروجها من ملكه إلى الموت ، حتى يحكم بالملك في الحال ، فإن قالوا : هذا وارث آخرين أعطي بهذا نصيبه ، وترك الباقي بيد المدعى عليه حتى يأتي مستحقه ؛ لأن الأصل دوام يده ؛ ولأن الغائب قد يقر له بها ، قال سحنون : وقد كان يقول غير هذا ، وعن مالك : ينزع المطلوب ويقف لتعينها لغيره ، وإن قالوا : لا نعرف عدد الورثة ، لم يقض في هذا بشيء [ ص: 169 ] لعدم تعينه ، ولا ينظر إلى تسمية الورثة ، وتبقى الدار في يد صاحب اليد ، حتى يثبت عدد الورثة لئلا يؤدي لنقص القسمة وتشويش الأحكام ، في التنبيهات : قوله مع ورثة آخرين ، ينبغي أن يسموهم ، قال ابن يونس : قيل : ينبغي إذا قامت غرماء الغائب ببيع الموقوف لهم بيد المدعى عليه ؛ لأنه لو كان حاضرا ونكل عن اليمين لأخذه الغرماء بعد يمينه الذي كان يحلفها الغائب أن لو حضر ، فإن أخذوها ، ثم قدم فحلف ، فقد مضى ذلك ، وإن نكل غرم للمدعى عليه ما أخذه الغرماء ، ويتبع في ذلك عدمه ولا شيء على الغرماء ، لأنه متهم عليهم في النكول ، قال بعض أصحابنا : البقاء بيد المدعى عليه أولى ؛ لأن على الغائب اليمين : ما ابتاع ولا وهب ولا علم أن أباه باع ، ولا وهب ، فكأن الحكم لم يتم ، وفي البيان : لا تقبل شهادة من قال : فلان وارث فلانا ، وهذا البعض ما باع ولا وهب ، ما يدريه ذلك ؟ بل يقول : لا أعلم له وارثا غيره ، ولا أعلم أنه باع ، قاله مالك ؛ لأنه جزم في غير موضع الجزم ، وقال عبد الملك : لا يجوز إلا الجزم حتى يقول : ما باع ولا وهب ؛ لأن الشهادة بغير الجزم لا تجوز ، ويحتمل هذا القائل أنه اقتصر على نفي غير هذا فقط ، فلا بد من التصريح بأن هذا وارثه قال : وقول عبد الملك أظهر . وفي الجواهر : إذا شهدت أنه ملكه بالأمس ولم تتعرض للحال ، لم تسمع حتى يقولوا : لم يخرج عن ملكه في علمهم ، ولو شهدت أنه أقر له بالأمس ثبت الإقرار واستصحب واجبه ، ولو قال المدعى عليه : كان ملكه ؛ لأنه يخبر عن تحقيق مستصحب . كما لو قال الشاهد : هو ملكه بالأمس اشتراه من المدعى عليه بالأمس ، ولو شهدوا على أنه كان في يد المدعي بالأمس ، لم يأخذه بذلك ، حتى تشهد البينة أنه ملكه ، ولو شهدت أنه غصبه منه جعل المدعي صاحب اليد ، ولو ادعيت ملكا مطلقا فذكر الشاهد الملك والسبب لم يضر ، لعدم الشافي .

                                                                                                                [ ص: 170 ] الفرع الثالث

                                                                                                                إذا أقام الشهادة في العين القائمة ، ما علمناه باع ولا وهب ولا خرج من ملكه ، لا يقضى لمدعيها حتى يحلفأنه ما باع ولا وهب وما خرج عن ملكه بوجه ، وقوله : أعرتها ، وليس عليه أن يأتي ببينة على ذلك ، ولو شهدت كانت زورا ، ولا يحلف في الديون مع شهادة اثنين إلا أن يدعي خصمه القضاء فيحلف ويبرأ من دعوى خصمه ، في التنبيهات : جعلها زورا ؛ لأنها شاهدة على نفي غير مضبط أنه ما باع ، وقيل : لا يرد القاضي شهادتهم حتى يسألهم : أيشهدون على البت أو العلم ؟ فإن ماتوا قبل الكشف سقطت ، ويعذر الجهال ، ولا يلزمهم عقاب ، قال ابن يونس : فإن أقام شاهدا حلف : ما باع ولا وهب تصديقا لشاهده ، فإن ادعى عليه أنه أخذ دينه فنكل ، حلف المطلوب وبرئ ، فإن نكل غرم ، ولو كان الحق على ميت أو غائب لم يقض به للطالب حتى يحلف مع شاهديه : أنه ما قبض ، ولا تسقط عنه لقطع الاحتمال ، فإن الميت لو كان حاضرا لعله يتبين حجته في سقوط الدين .

                                                                                                                الفرع الرابع

                                                                                                                قال ابن يونس : قال سحنون : إن أخذ الشهود من المشهود له دواب يركبونها إلى موضع الشهادة ، نحو البريد أو البريدين ، أو ينفق عليهم وهم يجدون النفقة أو الدواب ، سقطت شهادتهم ; لأخذهم الرشوة على الشهادة ، أو لا يجدون ، جاز ، وقبلت شهادتهم ، وإن كانوا على مسافة القصر ، لم يشخصوا وشهدوا عند من يأمرهم القاضي بأدائها عنده في ذلك البلد ، ويكتب بما شهدوا به إلى القاضي ، وفي الجواهر : لا يستحضر الشاهد من مكان يشق عليه ، كانت المسافة بعيدة ، لا يلزمه الإتيان منها ، وإلا امتنع إلا أن يكون للمشهود له دابة [ . . . ] على الشاهد [ . . . ] فيجوز له أن يركب دابة المشهود له لا غير ، وقال أبو الوليد : إذا ركب أو [ ص: 171 ] أكل طعامه والمسافة قريبة تبطل شهادته ، وقيل : لا تبطل ، ولكن الشاهد لا يقدر على النفقة ولا على كراء دابة ، وقيل : لا تبطل وهو يشق عليه المشي فلا تبطل إذا اتفق عليه أو اكترى له ؛ لأن بالعجز سقطت عند الوجوب ، وقيل : تبطل إذا لم يكن مبرز العدالة ؛ لاتهامه على الارتشاء ، وكذلك لو كان بمكان بعيد لا يمكنه الإتيان ، قيل : لا يضره أكل الطعام وإن كان له مال ، ولا ركوب دابة وإن كانت له دابة ، وكذلك في انتظاره للأداء إذا منع مانع ، فأنفق عليه المشهود له مدة ؛ لأنه طارئ ، لم يجد من يشهده على شهادته ويتصرف ، وقيل : تبطل الشهادة بذلك ؛ لأنه يوفر بذلك النفقة على نفسه ، قال أبو الوليد : وهو الأظهر ، قال أبو الوليد : فانظر أبدا متى أنفق عليه في موضع يلزمه القدوم منه والمقام ، امتنع الإنفاق إلا فيما يركب الشاهد إذا لم يكن له دابة ، ولم يقدر على المشي ، فلا خلاف أنه يجوز الركوب إذا لم يكن له دابة من غير تفصيل بين القريب والبعيد ، والموسر والمعسر ، وإنما يفصل كما تقدم إذا كانت له دابة ، وأما الكاتب فيأخذ الأجرة لعدم وجوب الكتابة .

                                                                                                                الفرع الخامس

                                                                                                                في البيان : قال ابن وهب : إذا ادعت الجارية الحرية ، أو الضعيف حقا وقال : إنه يعجز عن جلب بينة من الكورة ، وسأل الرفع لموضع شهادته ، فإن وجدت الأمة شاهدا استحقت الرفع لموضع شاهدها الآخر ، وتأتي يحمل بنفسها إلى الأجل الذي يوقفها السلطان ، وإن لم تأت بشاهد فلا ، لاحتمال تعنيت السيد .

                                                                                                                الفرع السادس

                                                                                                                قال : قال سحنون : إذا استودعت جاريتك فمات المستودع ، فشهدت البينة أنه أقر أن لفلان عندي وديعة : جارية ، إحدى هذا الثلاث ، والأخريان ابنتاي ، [ ص: 172 ] ولا تعلم عينها ، بطلت الشهادة لعدم الجزم بالتعين ، ولم يقل : يحكم فيها بالقافة كما قال : إذا وضعت امرأته وغيرها ، واختلط الصبيان ، ووقع التداعي ، ولم يدع أحدهما معينا : أنه يحكم بالقافة ، قيل : اختلاف من قوله ، ولا فرق بينهما ، قال : والأظهر : الفرق أن تلك السبب تدخله القافة ، وهذه ملك ، والقافة لا تدخل في الأموال ؛ لأنك لو ادعيت ولد أمة ، فقال : زوجتنيها فولدت هذا الولد مني ، وادعيت أنه من زنى ، لم يحكم به بالقافة .

                                                                                                                الفرع السابع

                                                                                                                قال ابن يونس : قال مالك : إذا شهدوا بالأرض ولم يحددوها ، وآخرون بالحدود دون الملك ، تمت الشهادة ، وقضى بينهم بحصول المقصود من المجموع ، قال ابن حبيب : فإن كان المدعى عليه غاصبا ولم يجد إلا من يشهد بالغصب دون الحدود ، قيل له : حدد ما غصبت واحلف عليه ، قال مالك : إن قالوا : نشهد بالحق ولا نعرف عدده ، قيل للمطلوب : أقر بحق واحلف عليه فيعطيه ولا شيء عليه غيره ، فإن جحد قيل للطالب : إن عرفته احلف عليه وخذه ، فإن قال : لا أعرفه ، أو أعرفه ولا أحلف ، سجن المطلوب حتى يقر بشيء ويحلف عليه ، فإن أقر ولم يحلف أخذ المقر به وحبس حتى يحلف ، وإن كان الحق في دار حيل بينه وبينها حتى يحلف ، ولا يحبس ، لأن الحق في شيء بعينه ، قال صاحب المنتقى : قال ابن نافع : إذا لم يعرف عدد المال يعرف ذلك الإمام فيجتهد فيه ، قال : وأرى أن ذلك ينفعه ، وقال مالك : يقضي بشهادته ، وعن مالك : ترد لنسيانه العدد أو لجهله به .

                                                                                                                الفرع الثامن

                                                                                                                قال صاحب المنتقى : إن كان يؤدي شهادة حفظها ، فلا بد من حفظها عند الأداء ، فإن نسي بعضها شهد بالذي ذكره فقط ، وإن نسي الجميع فلا يشهد ، [ ص: 173 ] وأما في عقد البيع أو النكاح أو الهبة أو الحبس أو الإقرار أو نحوه مما لا يلزم الشاهد حفظه : بل مراعاة الشهادة في آخره ، فإن ذكر أنه أشهد عليه وعرف خطه ، ولم يرتب بمجرد لا غيره شهد ، وعلى الحاكم قبولها ، وإن ارتاب فلا يشهد ، وإن عرف خطه ولم يذكر أنه كتبه ولا أنه أشهد : فعن مالك : إن لم يرتب شهد وإلا فلا ، ورجع إلى أنه لا يشهد حتى يذكر الشهادة أو بعضها ، وكذلك يشهد على الحاكم في السجلات وهي كالعقود لا يلزم حفظها عند الأداء ؛ لأنه شهد بما علم من تقييد الشهادة

                                                                                                                الفرع التاسع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : إذا قال وقت الأداء : لا أذكرها ، ثم قال بعد أيام : ذكرتها : قال مالك : إن كان مبرزا لا يتهم قبلت إلا أن يمر من طول الزمان ما يستنكر ، قال سحنون : إن قال : أخروني لأذكر وهو مبرز جازت ، فإن قال : ما عندي علم ، فاختلف فيه ، فأجازها مالك من المبرز في القرب ؛ لأنه إنما أخبر بعدم العلم في ذلك الوقت ، وقيل : ترد لقطعه بعدم العلم ، فينتفي سببه ، وهو أصل الإشهاد ، قال ابن حبيب : إنما هذا إذا سئل عند الحاكم أو المريض عند نقلها عنه وأوفى غير ذلك فلا يضر ، قال ابن يونس : كان سحنون يأمر الخصوم عند الأداء لا يعرض الطالب للشاهد لتلقين ، ولا المطلوب بتوبيخ ، فإن فعل ذلك بعد النهي أدبه ، وإذا خلط الشاهد أعرض عنه ، وربما عاوده ، فإن ثبت كتب شهادته من غير تحسين ولا زيادة ، وإن خاف الشاهد عند الدخول عليه أعرض عنه حتى يتأنس ويقول له : هو عليك ليس معي سوط ولا عصا ، فليس عليك بأس ، قل ما تعلم ، [ ص: 174 ] ودع ما لا تعلم ، وينبغي للقاضي إذا كتب الشهادة أن يوقف الشاهد عليها ثم يرفعها ، وله أن يكتبها بنفسه ، أو كاتبها بنفسه ، أو كاتبه المأمور ، أو الشاهد ، ولا يقول القاضي له : اشهد بكذا ؛ لأنه تلقين ، قال سحنون ، قال ابن عبد الحكم : يجوز أن يذكر أحد الشاهدين الآخر ، لقوله تعالى : ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) قال محمد : إذا اتهمهما بالغلط لا يفرق بينهما ؛ لأن الشاهد إذا قصد بهذا رهب واختلط عقله ، ولكن يسمع منهما ويسأل عنهما ، ولا تخلط المرأة المشهود عليها في جملة النساء ، أو الدابة في دواب يمتحنهم بذلك إذا سأله الخصم ؛ لأنه أذية الشهود ، وإذا شهد الشاهد عنده كتب اسمه ، ونسبه ، ومسكنه ، ومسجده الذي يصلي فيه ، وصفته لئلا يتسمى غير العدل باسمه ، ويكتب الوقت الذي شهد فيه ، ويكون المكتوب في ديوانه لئلا يزيد المشهود له أو ينقص ، ويكتب صورة الخصومة كلها من سؤال وإنكار واختلاف ، ويكتب : هذه خصومة فلان ابن فلان في شهر كذا في سنة كذا ، ويفرد خصومات كل شهر ، ويجعل نسخة أخرى بيد الطالب ، يطبع عليها ، فإن أخرجها الطالب قابلها بما في ديوانه ، قال صاحب المنتقى : وعن أشهب : إذا قال : كل شهادة أشهد بينك زور ، لم يضره ذلك ويشهد وقال ابن حبيب : إذا قال للخصم : ما أشهد [ . . . ] فلا يضره ويشهد ؛ لأنه وعده بأن لا يقيم عليه الشهادة ، وهو وعد [ . . . ] قال في الجواهر : مهما أمكن الجمع بينهما جمع ، وإن تناقضتا وأمكن الترجيح رجع إليه ، وإلا تساقطتا وبقي المدعي في يد من هو في يديه مع يمينه إن كان من المتداعيين ، فإن كان من غيرهما فقيل : يبقى في يده ، وقيل : يقسم بين مقيمي البينة لاتفاقهما على [ . . . ] ملك الحائز ، وروي : [ ص: 175 ] يقضى بأكثرهما عددا عند تساوي العدالة إلا أن يكون هؤلاء كثيرا يلتقي بينهم ما يلتمس من الاستظهار ، والآخرون أكثر جدا فلا تراعى الكثرة ، ولو أقر من هو في يده لأحدهما لنزل إقرار من له اليد للمقر له حتى ترجح البينة ، ولو كان في أيديهما جميعا لقسم بينهما بعد أيمانهما ، وسيأتي في الدعاوى كثير من هذا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية