الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما العقد فهو بذل من الواهب ، وقبول من الموهوب له ، أو من يقوم فيه من ولي ووكيل ، فإذا قال الواهب : قد وهبت فتمامه أن يقول الموهوب له على الفور : قد قبلت ، فإن لم يقبل لم يتم العقد ، وقال الحسن البصري : القبول غير معتبر في عقد الهبة كالعتق ، وهو قول شذ به عن الجماعة ، وخالف به الكافة إلا أن يريد به الهدايا ، فللهدية في القبول حكم يخالف قبول الهبات نحن نذكره من بعد .

                                                                                                                                            والدليل على أن عقد الهبة لا يتم إلا بالقبول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى إلى النجاشي مسكا فمات النجاشي قبل وصول المسك إليه فعاد المسك إليه فقسمه بين نسائه ، ولو صار المسك للنجاشي لما استحل ذلك ولأوصله إلى وارثه ، ولأنه تمليك تام ينتقل عن حي فافتقر إلى قبول كالبيع ، وفارق العتق من حيث إن المعتق لو رد العتق لم يبطل ، والموهوب له لو رد الهبة بطلت فلذلك ما افتقرت الهبة إلى قبول ، ولم يفتقر العتق إلى قبول ، فعلى هذا لو قال : قد وهبت لك عبدي هذا إن شئت فقال : قد شئت ، لم يكن قبولا حتى يقول : قد قبلت ، فيصح العقد وإن كان معلقا بمشيئته : لأنها إنما تكون هبة له إن شاءها ، ولو قال الموهوب له : قد قبلته إن شئت ، لم يصح : لأن قبول الهبة إنما يكون إلى مشيئة القابل دون الباذل ، فلو ابتدأ الموهوب له فقال : هب لي عبدك إن شئت فقال : قد شئت لم يكن ذلك بذلا حتى يقول : قد وهبت ، فلو قال : قد وهبت إن شئت لم يجز : لأن بذل الهبة إنما يكون إلى مشيئة الواهب دون الموهوب له .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية