الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال بعض العلماء من أخذه مهناة في الأيام الخمسة في الدنيا لم ينل مهناة في الآخرة وأراد به العيدين والجمعة وعرفة وعاشوراء ومن فواضل الأيام في الأسبوع يوم الخميس والاثنين ترفع فيهما الأعمال إلى الله تعالى وقد ذكرنا فضائل الأشهر والأيام للصيام في كتاب الصوم فلا حاجة إلى الإعادة والله أعلم ، وصلى الله على كل عبد مصطفى من كل العالمين .

التالي السابق


(وقال بعض العلماء) ولفظ " القوت ": وقال بعض علمائنا، وكأنه يشير بذلك إلى سهل بن عبد الله التستري -رحمه الله تعالى -: (من أخذ مهنأه في الأيام الخمسة) ولفظ " القوت ": في هذه الأيام الخمسة (في الدنيا لم ينل مهنأه [ ص: 208 ] في الآخرة) وقال أيضا: أيام يرجى فيها الفضل من الله تعالى، فإذا اشتغلت فيها بهواك وعاجل الدنيا، فمتى ترجو الفضل والمزيد (وأراد به) أي: بقوله هذه الأيام الخمسة (العيدين والجمعة وعرفة ويوم عاشوراء ومن فواضل الأيام في الأسبوع) بعد هذا (الخميس والاثنين) يومان (يرفع فيهما الأعمال إلى الله عز وجل) ومن فواضل الشهور الأربعة الحرم، وهم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، خصهن الله عز وجل بالنهي عن الظلم فيهن لعظيم حرماتها، فكذلك الأعمال لها فيهن فضل على غيرها، وأفضلها ذو الحجة؛ لوقوع الحج فيه، ولما خص به من الأيام المعلومات، والأيام المعدودات ثم ذو القعدة لجمعه الوصفين معا، وهو من أشهر الحرم، ومن أشهر الحج، فأما المحرم ورجب فليسا من أشهر الحج، وأما شوال فليس من أشهر الحرم، ولكنه من أشهر الحج، وأفضل الأيام في أشهر العشر أن العشر الأواخر من شهر رمضان والعشر الأول من ذي الحجة وبعدهما عشر المحرم من أوله، فالأعمال في هذه الأيام لها فضل ومزيد على سائر الشهور، وقد ذكرنا فضائل الأشهر والأيام للصيام في كتاب الصوم، فلا حاجة بنا إلى الإعادة. والله أعلم .

وإذا أحب الله عبدا استعمله في الأوقات الفاضلة بأفضل الأعمال ليثيبه أفضل الثواب، وإذا مقت عبدا استعمله بأسوأ الأعمال في فضائل الأوقات ليضاعف له السيئات بانتقاص من حرمات الشعائر، وانتهاك الحرم في الحرمات، ويقال: من علامات التوفيق ثلاث: دخول أعمال البر عليك من غير قصد لها، وصرف المعاصي عنك مع الطلب لها، وفتح باب اللجا والافتقار إلى الله عز وجل في الشدة والرخاء، ومن علامة الخذلان تعسير الخيرات عليك مع الطلب لها، وتيسير المعاصي لك مع الهرب منها، وغلق باب اللجا والافتقار إلى الله عز وجل في كل حال. فنسأل الله عز وجل بفضله حسن التوفيق والاختيار، ونعوذ به من سوء القضاء والاقتداء، وقد تم شرح كتاب ترتيب الأوراد، وبه تم ربع العبادات، ويتلوه --- ربع العادات --- والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

اللهم إنني أتوسل إليك بمصنف هذا الكتاب أن تجبر كسري، وتلطف بي في عواقبي، وتشفي لي مريضي، وتكشف ما بي، فقد ضقت ذرعا، وذبت هما، وأمسيت لا أستطيع نفعا .

قال الشيخ المؤلف حفظه الله: وكان الفراغ من تحرير هذا في وقت صلاة العشاء الآخرة ليلة السبت لعشر مضين من جمادى الثانية من شهور سنة 1118 اختتمها الله بخير وإلى خير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .




الخدمات العلمية