الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فلو بلغ غير رشيد ) لفقد صلاح دينه أو ماله ( دام الحجر ) أي : جنسه ؛ إذ حجر الصبي يرتفع بالبلوغ وحده فيليه من كان يليه ( وإن بلغ رشيدا انفك ) الحجر ( بنفس البلوغ ) ؛ لأنه حجر ثبت من غير حاكم فارتفع من غير فكه كحجر الجنون وبه فارق حجر السفه الطارئ ( وأعطى ماله ) فائدته ذكر غاية الانفكاك وقيل الاحتراز عن مذهب مالك في المرأة وقد مر آنفا ( وقيل يشترط فك القاضي ) أو نحو الأب أو إذنه في دفع ماله إليه ؛ لأنه محل اجتهاد فأشبه حجر السفه الطارئ ويرده ما تقرر ( فلو بذر ) أي زال صلاح تصرفه في ماله ( بعد ذلك ) أي : بعد رشده ( حجر عليه ) من جهة الحاكم فقط ؛ لأنه محل اجتهاد فإن لم يحجر عليه القاضي أثم ونفذ تصرفه ويسمى السفيه المهمل ولهم سفيه مهمل لا يصح تصرفه وهو من بلغ مستمر السفه ولم يحجر عليه وليه والأول المراد بالمهمل عند الإطلاق غالبا .

                                                                                                                              ( وقيل يعود الحجر ) بنفس التبذير ( بلا إعادة ) من أحد كالجنون ويرد بوضوح الفرق إذ الغالب فيه أنه لا يحتاج لنظر واجتهاد بخلاف التبذير وإذا رشد بعد هذا الحجر لم ينفك إلا بفك القاضي لاحتياجه للاجتهاد حينئذ ( ولو فسق ) بعد وجود رشده وبقي صلاح تصرفه في ماله ( لم يحجر عليه في الأصح ) ؛ لأن السلف لم يحجروا على الفسقة بخلاف الاستدامة ؛ لأن حجره كان ثابتا جنسه وفارق التبذير بأنه يتحقق معه إتلاف المال بخلاف الفسق .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قول المصنف وإن بلغ رشيدا انفك ) عبارة العباب أو بلغ رشيدا أو رشد بعد ذلك انفك حجره وإن لم يفكه القاضي انتهى ومثله في شرح الروض ( قوله وقيل الاحتراز إلخ ) يجوز كونها مجموع الأمرين أعني هذا وما قبله .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لفقد صلاح ) إلى قول المتن وبحث في النهاية والمغني إلا قوله ذكر غاية إلى الاحتراز وقوله أو نحو الأب إلى ؛ لأنه محل إلخ وقوله أثم ( قوله : إذ حجر إلخ ) أي : لا حجر الصبا ؛ إذ إلخ ( قوله يرتفع بالبلوغ إلخ ) أي ويخلفه حجر السفه نهاية ومغني ( قوله فيليه إلخ ) تفريع على المتن عبارة المغني والنهاية فيتصرف في ماله من كان يتصرف فيه قبل بلوغه ا هـ .

                                                                                                                              قول المتن ( وإن بلغ رشيدا انفك بنفس البلوغ ) أو غير رشيد ثم رشد فبنفس الرشد نهاية ومغني ونقله سم عن العباب وشرح الروض وقال ع ش والمراد ببلوغه رشيدا أن يحكم عليه بالرشد باعتبار ما يرى من أحواله ولا يتحقق ذلك إلا بعد مضي مدة يظهر فيها ذلك عرفا فلا يتقيد بخصوص الوقت الذي بلغ فيه كوقت الزوال مثلا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقيل الاحتراز إلخ ) اقتصر النهاية والمغني عليه جازمين بذلك وقال سم يجوز كونها مجموع الأمرين أعني هذا وما قبله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ما تقرر ) أي بقوله ؛ لأنه حجر ثبت إلخ ( قوله أثم ) أي إذا تصرف ولعله إذا علم أنه مبذر وأن تصرف المبذر حرام وإن خالط العلماء ( قوله ولم يحجر عليه إلخ ) هذا غير محتاج إليه ؛ لأنه محجور عليه شرعا فلا يحتاج إلى حجر الولي ؛ إذ لا فائدة فيه ا هـ بجيرمي ( قوله غالبا ) وفي النهاية والمغني على المشهور ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيه ) أي : في الجنون ( قوله بخلاف التبذير ) ولا حجر بشحته على نفسه مع اليسار ؛ لأن الحق له والقائل بالحجر به لم يرد به حقيقته بدليل تعبيره بأنه لا يمنع من التصرف ولكن ينفق عليه بالمعروف من ماله إلا أن يخاف عليه إخفاء ماله لشدة شحه فيمنع من التصرف فيه ؛ لأن هذا أشد من التبذير نهاية ومغني قال الرشيدي وع ش قوله إلا أن يخاف إلخ من تتمة الضعيف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإذا رشد ) أي : السفيه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية