الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه مهم ) وقع لهم في مبحث اشتراط لزوم الدين في الرهن والحوالة والضمان ما يوهم التنافي وبيانه مع الجواب عنه وإن لم أر من تنبيه لذلك كله أنهم صرحوا بأن كل ما صح رهنه صح ضمانه وعكسه واستثنوا صورا يصح ضمانها لا رهنها لعدم الدين فيها كالدرك ورد الأعيان المضمونة وإحضار البدن وكذا من درهم إلى عشرة على مقالة يتعجب ممن نقلها موهما صحتها مع ما فيها من التحكم الصرف لاستواء الجميع في أن العلم به شرط فإن نافاه هذا فليبطل في الكل [ ص: 253 ] أو لا فلا ثم كلامهم في تلك الكلية قاض بأنه لا يشترط في هذين استقرار الدين كأجرة قبل انتفاع في إجارة العين ولا صحة الاعتياض عنه فيصح كل منهما بدين السلم وهو المسلم فيه وبالدية والزكاة بتفصيلهما نعم الرهن لزكاة تعلقت بالعين لا يصح بخلاف ضمانها لصحته برد الأعيان المضمونة وخالفوا هذا في الحوالة فاشترطوا صحة الاعتياض عن دينها المحال به وعليه فلا يصح بدين سلم ولا إبل دية ولا زكاة ولا عليها وكأنهم نظروا إلى أنها معاوضة أو استيفاء وكل منهما يستدعي صحة الاعتياض بخلاف ذينك فإن كلا منهما وثيقة والتوثق يحصل بمجرد اللزوم لأنه لخشية لفوات وهي منتفية عند لزوم سببه .

                                                                                                                              وأما قول ابن العماد هي أوسع منهما لأنها رخصة وجرى وجه بصحتها على من لا دين عليه بخلافهما فهو مما يتعجب منه لمخالفته لصريح كلامهم مع فساد استنتاجه لإطلاق الأوسعية مما علل به إلا على اعتبار بعيد لكن بفرضه إنما يعبر عنه بكونها أوسع منهما من حيثية لا مطلقا كما هو واضح وفرقوا أيضا بينها وبينهما ففصلوا فيها في نجوم الكتابة ودين المعاملة تفصيلا مخالفا لما فصلوه في الضمان الملحق به الرهن وكأنهم لمحوا في الفرق ما قدمته آنفا فتأمل ذلك كله فإنه نفيس مهم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله استقرار الدين كأجرة إلخ ) تقدم صحة الحوالة بالأجرة قبل فراغ المدة وتقدم اشتراط الاستقرار وتفسيره بجواز الاعتياض وهو غير المراد به هنا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وبيانه ) أي بيان ما يوهم إلخ مبتدأ وخبره قوله أنهم صرحوا إلخ ( قوله وعكسه ) أي اللغوي لا المنطقي ( قوله واستثنوا ) أي من العكس ( قوله ضمانها لا رهنها ) الإضافة بمعنى في ( قوله كالدرك ) أي درك عين الثمن أو المبيع مثلا ( قوله ورد الأعيان المضمونة ) كالمغصوبة والمستعارة عبارة المغني .

                                                                                                                              ( تنبيه ) يصح ضمان رد كل عين ممن هي في يده مضمونة عليه كمغصوبة ومستعارة ومستامة ومبيع لم يقبض ويبرأ الضامن بردها له ويبرأ أيضا بتلفها فلا يلزمه قيمتها ولو ضمن قيمة العين إن تلف لم يصح لعدم ثبوت القيمة ومحل صحة ضمان العين إذا أذن فيه واضع اليد أو كان الضامن قادرا على انتزاعها .

                                                                                                                              أما إذا لم تكن العين مضمونة على من هي بيده كالوديعة والمال في يد الشريك والوكيل والوصي فلا يصح ضمانها لأن الواجب فيها التخلية دون الرد ا هـ ( قوله وكذا من درهم إلخ ) أي ومثل الصور المذكورة قوله من درهم إلخ في صحة الضمان دون الرهن .

                                                                                                                              ( قوله ممن نقلها ) أي المقالة وكذا ضمير صحتها وضمير فيها ( قوله لاستواء الجميع ) أي الرهن والحوالة والضمان ( قوله به ) أي بالدين ( قوله فإن نافاه هذا ) أي نافى العلم قوله من درهم إلخ ( قوله في الكل ) [ ص: 253 ] والأولى فيه الكل ( قوله أولا فلا ) أي وهو الراجح كما يأتي ( قوله ثم كلامهم إلخ ) عطف على قوله أنهم صرحوا إلخ كذا قوله وخالفوا إلخ وقوله وفرقوا إلخ ( قوله في تلك الكلية ) أل للجنس فتشمل كلية الأصل والعكس ( قوله في هذين ) أي الرهن والضمان وكذا ضمير كل منهما ( قوله ولا صحة إلخ ) عطف على استقرار الدين ( قوله فيصح إلخ ) تفريع على عدم اشتراط صحة الاعتياض ( قوله بتفصيلهما ) أي الرهن والضمان ( قوله وخالفوا هذا ) أي عدم اشتراط صحة الاعتياض ا هـ كردي ( قوله ولا عليها ) أي الثلاث المذكورة ( قوله إلى أنها ) أي الحوالة ( قوله معاوضة ) أي على الراجح ( أو استيفاء ) أي على المرجوح ( قوله بخلاف ذينك ) أي الرهن والضمان ( قوله بمجرد اللزوم ) أي لزوم سببه كدين السلم من غير حاجة إلى جواز الاعتياض عنه ( قوله عند لزوم سببه ) أي بسبب التوثق لأنه لما لزم سبب التوثق لزم التوثق فانتفت خشية الفوات ا هـ كردي ( قوله وأما قول ابن العماد إلخ ) أي المقتضي لجواز الحوالة فيما يجوز فيه الرهن والضمان من غير عكس ( قوله لصريح كلامهم ) أي في أوسعية الرهن والضمان من الحوالة ( قوله على اعتبار بعيد ) أي كديون المعاملة للسيد على المكاتب يصح الحوالة عليها دون الضمان عنها والثمن في زمن الخيار لهما أو للبائع يصح الحوالة عليها دون الضمان عنه ( قوله عنه ) أي عن الاعتبار المذكور ( قوله أيضا ) أي كالفرق باشتراط صحة الاعتياض في الحوالة دون الرهن والضمان عبارة الكردي قوله أيضا يرجع إلي وخالفوا إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله تفصيلا مخالفا لما فصلوه إلخ ) أي حيث جوزوا الحوالة بالنجوم لا عليها وجوزوا الحوالة على دين المعاملة وبه للسيد وغيره بخلاف ضمانه للسيد وبه علم أن الأولى إسقاط قوله نجوم الكتابة ( قوله ما قدمته ) مفعول لمحوا ( قوله آنفا ) إشارة إلى قوله قلت يفرق إلخ قبل قول المتن ويصح ضمان الثمن ا هـ كردي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية