أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم ) ففيه سؤالات :
السؤال الأول : لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) فلم قال مرة أخرى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه ) ، وما الفائدة في هذا التكرير ؟
والجواب من وجوه :
أحدها : أن مذهبنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=29446أسماء الله تعالى توقيفية لا قياسية ، فقوله أولا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41اذكروا الله ) أمر بالذكر ، وقوله ثانيا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم ) أمر لنا بأن نذكره سبحانه بالأسماء والصفات التي بينها لنا وأمرنا أن نذكره بها ، لا بالأسماء التي نذكرها بحسب الرأي والقياس .
وثانيها : أنه تعالى أمر بالذكر أولا ، ثم قال ثانيا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم ) أي وافعلوا ما أمرناكم به من الذكر كما هداكم الله لدين الإسلام ، فكأنه تعالى قال : إنما أمرتكم بهذا الذكر لتكونوا شاكرين لتلك النعمة ، ونظيره ما أمرهم به من التكبير إذا أكملوا شهر رمضان ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ) [البقرة : 185] وقال في الأضاحي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم ) .
وثالثها : أن قوله أولا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) أمر بالذكر باللسان ، وقوله ثانيا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم ) أمر بالذكر بالقلب ، وتقريره أن الذكر في كلام العرب ضربان :
أحدهما : ذكر هو ضد النسيان ، والثاني : الذكر بالقول ، فما هو خلاف النسيان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=63وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ) [الكهف : 63] وأما الذكر الذي هو القول فهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ) [البقرة : 200] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203واذكروا الله في أيام معدودات ) [البقرة : 203] فثبت أن الذكر وارد بالمعنيين . فالأول : محمول على الذكر باللسان . والثاني : على الذكر بالقلب ، فإن بهما يحصل تمام
[ ص: 153 ] العبودية .
ورابعها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم ) يعني اذكروه بتوحيده كما ذكركم بهدايته .
وخامسها : يحتمل أن يكون المراد من الذكر مواصلة الذكر ، كأنه قيل لهم : اذكروا الله واذكروه أي اذكروه ذكرا بعد ذكر ، كما هداكم هداية بعد هداية ، ويرجع حاصله إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ) [الأحزاب : 41] .
وسادسها :
nindex.php?page=treesubj&link=3626أنه تعالى أمر بالذكر عند المشعر الحرام ، وذلك إشارة إلى القيام بوظائف الشريعة ، ثم قال بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم ) والمعنى أن توقيف الذكر على
المشعر الحرام فيه إقامة لوظائف الشريعة ، فإذا عرفت هذا قربت إلى مراتب الحقيقة ، وهو أن ينقطع قلبك عن
المشعر الحرام ، بل عن من سواه ؛ فيصير مستغرقا في نور جلاله وصمديته ، ويذكره لأنه هو الذي يستحق لهذا الذكر ، ولأن هذا الذكر يعطيك نسبة شريفة إليه بكونك في هذه الحالة تكون في مقام العروج ذاكرا له ومشتغلا بالثناء عليه ، وإنما بدأ بالأول وثنى بالثاني لأن العبد في هذه الحالة يكون في مقام العروج ، فيصعد من الأدنى إلى الأعلى ، وهذا مقام شريف لا يشرحه المقال ولا يعبر عنه الخيال ، ومن أراد أن يصل إليه ، فليكن من الواصلين إلى العين ، دون السامعين للأثر .
وسابعها : أن يكون المراد بالأول هو ذكر أسماء الله تعالى وصفاته الحسنى ، والمراد بالذكر الثاني الاشتغال بشكر نعمائه ، والشكر مشتمل أيضا على الذكر ، فصح أن يسمي الشكر ذكرا ، والدليل على أن الذكر الثاني هو الشكر أنه علقه بالهداية ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198كما هداكم ) والذكر المرتب على النعمة ليس إلا الشكر .
وثامنها : أنه تعالى لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) جاز أن يظن أن الذكر مختص بهذه البقعة وبهذه العبادة ، يعني الحج ، فأزال الله تعالى هذه الشبهة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم ) يعني اذكروه على كل حال ، وفي كل مكان ، لأن هذا الذكر إنما وجب شكرا على هدايته ، فلما كانت نعمة الهداية متواصلة غير منقطعة ، فكذلك الشكر يجب أن يكون مستمرا غير منقطع .
وتاسعها : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) المراد منه الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء هناك ، ثم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم ) والمراد منه التهليل والتسبيح .
السؤال الثاني : ما المراد من الهداية في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198كما هداكم ) ؟
الجواب : منهم من قال : إنها خاصة ، والمراد منه كما هداكم بأن ردكم في مناسك حجكم إلى سنة
إبراهيم عليه السلام ، ومنهم من قال : لا بل هي عامة متناولة لكل أنواع الهداية في معرفة الله تعالى ، ومعرفة ملائكته وكتبه ورسله وشرائعه .
السؤال الثالث : الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198من قبله ) إلى ماذا يعود ؟
الجواب : يحتمل أن يكون راجعا إلى "الهدى" والتقدير : وإن كنتم من قبل أن هداكم من الضالين ، وقال بعضهم : إنه راجع إلى القرآن ، والتقدير : واذكروه كما هداكم بكتابه الذي بين لكم معالم دينه ، وإن كنتم من قبل إنزاله عليكم من الضالين .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وإن كنتم من قبله لمن الضالين ) فقال
القفال رحمة الله عليه : فيه وجهان ؛ أحدهما : وما كنتم من قبله إلا الضالين ، والثاني : قد كنتم من قبله من الضالين ، وهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=4إن كل نفس لما عليها حافظ ) [الطارق : 4] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=186وإن نظنك لمن الكاذبين ) [الشعراء : 186] .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ) فَفِيهِ سُؤَالَاتٌ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) فَلِمَ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ ) ، وَمَا الْفَائِدَةُ فِي هَذَا التَّكْرِيرِ ؟
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29446أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ لَا قِيَاسِيَّةٌ ، فَقَوْلُهُ أَوَّلًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41اذْكُرُوا اللَّهَ ) أَمْرٌ بِالذِّكْرِ ، وَقَوْلُهُ ثَانِيًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ) أَمْرٌ لَنَا بِأَنْ نَذْكُرَهُ سُبْحَانَهُ بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الَّتِي بَيَّنَهَا لَنَا وَأَمَرَنَا أَنْ نَذْكُرَهُ بِهَا ، لَا بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي نَذْكُرُهَا بِحَسَبِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالذِّكْرِ أَوَّلًا ، ثُمَّ قَالَ ثَانِيًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ) أَيْ وَافْعَلُوا مَا أَمَرْنَاكُمْ بِهِ مِنَ الذِّكْرِ كَمَا هَدَاكُمُ اللَّهُ لِدِينِ الْإِسْلَامِ ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : إِنَّمَا أَمَرْتُكُمْ بِهَذَا الذِّكْرِ لِتَكُونُوا شَاكِرِينَ لِتِلْكَ النِّعْمَةِ ، وَنَظِيرُهُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنَ التَّكْبِيرِ إِذَا أَكْمَلُوا شَهْرَ رَمَضَانَ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) [الْبَقَرَةِ : 185] وَقَالَ فِي الْأَضَاحِيِّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) أَمَرَ بِالذِّكْرِ بِاللِّسَانِ ، وَقَوْلَهُ ثَانِيًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ) أَمَرَ بِالذِّكْرِ بِالْقَلْبِ ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الذِّكْرَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ضَرْبَانِ :
أَحَدُهُمَا : ذِكْرٌ هُوَ ضِدُّ النِّسْيَانِ ، وَالثَّانِي : الذِّكْرُ بِالْقَوْلِ ، فَمَا هُوَ خِلَافُ النِّسْيَانِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=63وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ) [الْكَهْفِ : 63] وَأَمَّا الذِّكْرُ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ) [الْبَقَرَةِ : 200] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ) [الْبَقَرَةِ : 203] فَثَبَتَ أَنَّ الذِّكْرَ وَارِدٌ بِالْمَعْنَيَيْنِ . فَالْأَوَّلُ : مَحْمُولٌ عَلَى الذِّكْرِ بِاللِّسَانِ . وَالثَّانِي : عَلَى الذِّكْرِ بِالْقَلْبِ ، فَإِنَّ بِهِمَا يَحْصُلُ تَمَامُ
[ ص: 153 ] الْعُبُودِيَّةِ .
وَرَابِعُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ) يَعْنِي اذْكُرُوهُ بِتَوْحِيدِهِ كَمَا ذَكَرَكُمْ بِهِدَايَتِهِ .
وَخَامِسُهَا : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الذِّكْرِ مُوَاصَلَةَ الذِّكْرِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ : اذْكُرُوا اللَّهَ وَاذْكُرُوهُ أَيِ اذْكُرُوهُ ذِكْرًا بَعْدَ ذِكْرٍ ، كَمَا هَدَاكُمْ هِدَايَةً بَعْدَ هِدَايَةٍ ، وَيَرْجِعُ حَاصِلُهُ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ) [الْأَحْزَابِ : 41] .
وَسَادِسُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=3626أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالذِّكْرِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ، وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْقِيَامِ بِوَظَائِفِ الشَّرِيعَةِ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ) وَالْمَعْنَى أَنَّ تَوْقِيفَ الذِّكْرِ عَلَى
الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فِيهِ إِقَامَةٌ لِوَظَائِفِ الشَّرِيعَةِ ، فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا قَرُبْتَ إِلَى مَرَاتِبِ الْحَقِيقَةِ ، وَهُوَ أَنْ يَنْقَطِعَ قَلْبُكَ عَنِ
الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ، بَلْ عَنْ مَنْ سِوَاهُ ؛ فَيَصِيرَ مُسْتَغْرِقًا فِي نُورِ جَلَالِهِ وَصَمَدِيَّتِهِ ، وَيَذْكُرَهُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ لِهَذَا الذِّكْرِ ، وَلِأَنَّ هَذَا الذِّكْرَ يُعْطِيكَ نِسْبَةً شَرِيفَةً إِلَيْهِ بِكَوْنِكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ فِي مَقَامِ الْعُرُوجِ ذَاكِرًا لَهُ وَمُشْتَغِلًا بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا بَدَأَ بِالْأَوَّلِ وَثَنَّى بِالثَّانِي لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ فِي مَقَامِ الْعُرُوجِ ، فَيَصْعَدُ مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى ، وَهَذَا مَقَامٌ شَرِيفٌ لَا يَشْرَحُهُ الْمَقَالُ وَلَا يُعَبِّرُ عَنْهُ الْخَيَالُ ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ ، فَلْيَكُنْ مِنَ الْوَاصِلِينَ إِلَى الْعَيْنِ ، دُونَ السَّامِعِينَ لِلْأَثَرِ .
وَسَابِعُهَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ هُوَ ذِكْرَ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْحُسْنَى ، وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الثَّانِي الِاشْتِغَالُ بِشُكْرِ نَعْمَائِهِ ، وَالشُّكْرُ مُشْتَمِلٌ أَيْضًا عَلَى الذِّكْرِ ، فَصَحَّ أَنْ يُسَمِّيَ الشُّكْرَ ذِكْرًا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ الثَّانِيَ هُوَ الشُّكْرُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْهِدَايَةِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198كَمَا هَدَاكُمْ ) وَالذِّكْرُ الْمُرَتَّبُ عَلَى النِّعْمَةِ لَيْسَ إِلَّا الشُّكْرَ .
وَثَامِنُهَا : أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) جَازَ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ الذِّكْرَ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْبُقْعَةِ وَبِهَذِهِ الْعِبَادَةِ ، يَعْنِي الْحَجَّ ، فَأَزَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الشُّبْهَةَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ) يَعْنِي اذْكُرُوهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ ، لِأَنَّ هَذَا الذِّكْرَ إِنَّمَا وَجَبَ شُكْرًا عَلَى هِدَايَتِهِ ، فَلَمَّا كَانَتْ نِعْمَةُ الْهِدَايَةِ مُتَوَاصِلَةً غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ ، فَكَذَلِكَ الشُّكْرُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَمِرًا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ .
وَتَاسِعُهَا : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) الْمُرَادُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ هُنَاكَ ، ثُمَّ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ .
السُّؤَالُ الثَّانِي : مَا الْمُرَادُ مِنَ الْهِدَايَةِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198كَمَا هَدَاكُمْ ) ؟
الْجَوَابُ : مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهَا خَاصَّةٌ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ كَمَا هَدَاكُمْ بِأَنْ رَدَّكُمْ فِي مَنَاسِكِ حَجِّكُمْ إِلَى سُنَّةِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَا بَلْ هِيَ عَامَّةٌ مُتَنَاوِلَةٌ لِكُلِّ أَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمَعْرِفَةِ مَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَشَرَائِعِهِ .
السُّؤَالُ الثَّالِثُ : الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198مِنْ قَبْلِهِ ) إِلَى مَاذَا يَعُودُ ؟
الْجَوَابُ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إِلَى "الْهُدَى" وَالتَّقْدِيرُ : وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ هَدَاكُمْ مِنَ الضَّالِّينَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ بِكِتَابِهِ الَّذِي بَيَّنَ لَكُمْ مَعَالِمَ دِينِهِ ، وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِ إِنْزَالِهِ عَلَيْكُمْ مِنَ الضَّالِّينَ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ) فَقَالَ
الْقَفَّالُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ : فِيهِ وَجْهَانِ ؛ أَحَدُهُمَا : وَمَا كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ إِلَّا الضَّالِّينَ ، وَالثَّانِي : قَدْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الضَّالِّينَ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=4إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) [الطَّارِقِ : 4] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=186وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ) [الشُّعَرَاءِ : 186] .