الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا إن كان اتخذ معناه : عمل وصنع ، فلا بد من تقدير محذوف يترتب عليه هذا الإنكار ، وهو : فعبدوه وجعلوه إلها لهم ، وإن كان المحذوف : إلها ، أي : اتخذوا : عجلا جسدا له خوار إلها ، فلا يحتاج إلى حذف جملة ، وهذا استفهام [ ص: 393 ] إنكار ; حيث عبدوا جمادا أو حيوانا عاجزا ، عليه آثار الصنعة ، لا يمكن أن يتكلم ولا يهدي ، وقد ركز في العقول أن من كان بهذه المثابة استحال أن يكون إلها ، وهذا نوع من أنواع البلاغة يسمى الاحتجاج النظري ، وبعضهم يسميه المذهب الكلامي ، والظاهر أن يروا بمعنى : يعلموا ، وسلب تعالى عنه هذين الوصفين دون باقي أوصاف الإلهية ; لأن انتفاء القدرة وانتفاء هذين الوصفين ، وهما : العلم والقدرة ، يستلزمان باقي الأوصاف ، فلذلك خص هذان الوصفان بانتفائهما .

اتخذوه وكانوا ظالمين ، أي : أقدموا على ما أقدموا عليه من هذا الأمر الشنيع وكانوا واضعين الشيء في غير موضعه ، أي : من شأنهم الظلم ، فليسوا مبتكرين وضع الشيء في غير موضعه ، وليس عبادة العجل بأول ما أحدثوه من المناكر ، قال ابن عطية : ويحتمل أن تكون الواو واو الحال ، انتهى ، يعني في : وكانوا والوجه الأول أبلغ في الذم ، وهو الإخبار عن وصفهم بالظلم وأن شأنهم ذلك ، فلا يتقيد ظلمهم بهذه الفعلة الفاضحة .

التالي السابق


الخدمات العلمية