الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو ) جرى من العين المدعاة ( على منفعة ) لها مدة معلومة بثوب مثلا لغريمه أو لغيرها مدة كذلك بها أو بمنفعتها ( ف ) هو ( إجارة ) للعين المدعاة بغيرها من المدعي لغريمه أو لغيرها بها أو بمنفعتها من غريمه له ( تثبت ) فيه ( أحكامها ) لصدق حدها عليه أو جرى منها على أن ينتفع بها مدة كذا فإعارة منه لغريمه ويتعين أن يحمل عليه قول السبكي يصح الصلح على منافع الكلاب مدة معلومة أي بغير عوض أو على أن يطلقها فخلع أو على أن يرد عبده فجعالة ( أو ) جرى من العين المدعاة ( على بعض العين المدعاة ) كنصفها ( فهبة لبعضها ) الباقي ( لصاحب اليد ) عليها ( فتثبت ) فيه ( أحكامها ) أي الهبة من إذن في قبض ومضي إمكانه بعد تقدم صيغة هبة لما ترك وقبولها [ ص: 190 ] ( ولا يصح بلفظ البيع ) له لعدم الثمن ؛ لأن العين كلها ملك المقر له فإذا باعها ببعضها فقد باع ملكه بملكه والشيء ببعضه وهو محال ( والأصح صحته بلفظ الصلح ) كصالحتك منها على نصفها لوجود خاصة الصلح وهي سبق الخصومة ويكون هبة تنزيلا له في كل محل على ما يليق به كلفظ التمليك .

                                                                                                                              ( ولو قال من غير سبق خصومة صالحني عن دارك بكذا ) فأجابه ( فالأصح بطلانه ) ؛ لأن لفظ الصلح يستدعي سبق الخصومة ولو عند غير قاض كما هو ظاهر ثم رأيت الإسنوي صرح به وقال : إنه قضية إطلاق المتن وكأنه لم ينظر لقوله المتداعيين مع أن المتبادر منه الدعوى عند قاض ؛ لأنهم أطلقوا آخر الرجعة أنه يكفي سبق الدعوى ولو عند غير قاض ولأن اشتراط كونها عنده لا معنى له هنا ؛ لأن اشتراط سبق الخصومة إنما هو ليوجد مسمى الصلح عرفا وذلك لا بتقييد بالدعوى عنده نعم إن نويا به البيع كان بيعا ؛ لأنه حينئذ كناية ؛ إذ لا ينافي البيع وإنما لم يصح به من غير نية لفقد شرطه المذكور وبه فارق وهبتك بعشرة بناء على الضعيف أن النظر للفظ ؛ لأن لفظ الهبة ينافي البيع .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو جرى من العين المدعاة ) قد يشكل من هنا مع قوله لها ؛ لأنها حينئذ غير داخلة على المتروك أي للمدعي كما هو المراد هنا ولا على المأخوذ اللهم إلا أن تجعل العين متروكا في الجملة أي : من حيث منفعتها ( قوله على أن ينتفع ) أي الغريم ( قوله أو على أن يطلقها ) بأن يقر للزوجة بالعين .

                                                                                                                              ( قوله بعد تقدم صيغة هبة لما ترك ) فإن قلت اعتبار ذلك مشكل مخالف لظاهر كلام المصنف قلت الظاهر أنه لم يذكر ذلك لاعتباره بل توطئة لقوله ولا يصح بلفظ إلخ .

                                                                                                                              [ ص: 190 ] قوله كان بيعا ) أي : كما قاله الشيخان وإن رده في المطلب م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو جرى ) أي : الصلح ( من العين إلخ ) قد يشكل لفظة من هنا مع قوله لها ؛ لأنها غير داخلة على المتروك أي : للمدعى عليه كما هو المراد هنا ولا على المأخوذ اللهم إلا أن تجعل العين متروكة في الجملة أي : من حيث منفعتها ا هـ سم ( قوله لها ) نعت لمنفعة والضمير للعين أي : على منفعة كائنة للعين المدعاة في مدة معلومة فمدة منصوب على أنه مفعول فيه لجرى ا هـ كردي ولك أن تجعل مدة ظرفا للنعت ( قوله بثوب ) متعلق بضمير الصلح المستتر تحت جرى ( وقوله لغريمه ) أي : غريم المدعي نعت لثوب أي : كأن يقول المدعي لغريمه المقر صالحتك عن منفعة هذا الذي أقررت لي به سنة بثوبك هذا أو آجرتك هذا الذي إلخ ويقبل الغريم المقر ( قوله أو لغيرها ) عطف على قوله لها ( وقوله كذلك ) أي : معلومة ( وقوله أو بمنفعتها ) عطف على قوله بها أي : كأن يقول المدعى عليه المقر صالحتك عن هذا الذي أقررت به لك أو عن منفعته سنة بسكنى داري هذه سنة أو آجرتك هذه الدار سنة بهذا الذي أقررت به لك أو بمنفعته سنة ( قوله أو جرى منها إلخ ) فيه ما مر آنفا عن سم ( قوله على أن ينتفع ) أي : الغريم ا هـ سم ( قوله فإعارة إلخ ) تثبت أحكامها فإن عين مدة فإعارة مؤقتة وإلا فمطلقة نهاية ومغني قال ع ش ومن أحكامها جواز الرجوع فيها متى شاء انتهى سم على منهج ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو جرى منها ) عطف على قوله جرى من العين إلخ والضمير للعين المدعاة ( قوله أن يحمل عليه ) أي : صلح الإعارة ( قوله أو على أن يطلقها ) عطف على قوله على أن ينتفع .

                                                                                                                              ( قوله فخلع ) كأن تقول الزوجة المقر لها صالحتك من هذا الذي أقررت لي به على أن تطلقني طلقة فيقبل الزوج بقوله صالحتك ؛ لأنه قائم مقام طلقتك ولا حاجة إلى إنشاء عقد خلع خلافا لما وقع في كلام بعض أهل العصر ا هـ ع ش ( قوله عبده ) أي : عبد المقر له قول المتن ( فهبة إلخ ) كأن صورته أن يقول وهبتك نصفها وصالحتك على الباقي قال الشيخ عميرة قال السبكي لو قال : وهبتك نصفها على أن تعطيني النصف الآخر فسد كنظيره من الإبراء انتهى سم على منهج ا هـ ع ش قول المتن ( لصاحب اليد ) أي : مثلا ع ش ( قوله فيثبت فيه ) أي : في البعض الباقي فتصح الهبة بلفظ الهبة والتمليك وشبههما نهاية ومغني أي : كالرقبى والعمرى ع ش ( قوله من أذن في قبض ) أي : وجواز رجوع المصالح عن الصلح إذا لم يوجد قبض ا هـ ع ش ( قوله ومضى إمكانه ) أي : مضي زمن إمكان قبض المتروك إن كان في يد المدعى عليه ( قوله بعد تقدم صيغة هبة لما ترك ) أي : أو صيغة صلح أو تمليك كما يأتي قال سم فإن قلت ذلك أي : تعبيره بصيغة الهبة مشكل مخالف لظاهر كلام المصنف قلت الظاهر أنه لم يذكر ذلك لاعتباره بل توطئة لقوله أي : المصنف ولا يصح بلفظ البيع إلخ ا هـ عبارة ع ش قوله بلفظ الهبة والتمليك قضيته أنه لو اقتصر على قوله صالحتك من هذه الدار على نصفها لا يكون هبة لباقيها وهو غير مراد فإن الصيغة تقتضي أنه رضي منها ببعضها وترك باقيها ويصرح به قول [ ص: 190 ] الشارح م ر الآتي كصالحتك عن الدار على ربعها ا هـ قول المتن ( ولا يصح ) أي : فيما إذا جرى على بعض العين المدعاة ا هـ ع ش قول المتن ( بلفظ البيع ) بأن قيل بعتك نصفها وصالحتك على نصفها ا هـ ع ش ( قوله والشيء ) أي : وباع الشيء قول المتن ( صحته ) أي الصلح ببعض العين المدعاة ( قوله كصالحتك ) إلى قوله كما هو ظاهر في النهاية والمغني ( قوله وتكون إلخ ) أي : صيغة صالحتك منها على نصفها مثلا ( قوله تنزيلا له ) أي للفظ الصلح قول المتن ( صالحني عن دارك إلخ ) خرج به ما لو قال لغريمه بلا خصومة أبرئني من دينك علي بأن قاله استيجابا لطلب البراءة فأبرأه جاز عباب انتهى سم على منهج ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ولو عند غير قاض ) أي : ولو مع غير المصالح كما يأتي فيما لو قال الأجنبي للمدعى عليه صالحني عن الدار التي بيدك لفلان بكذا لنفسي فإنه صحيح على ما يأتي اكتفاء بالمخاصمة السابقة بين المتداعيين ثم قوله المذكور يشعر بأنه لا بد لصحة الصلح من وقوع الخصومة عند غير المتخاصمين فلا تكفي المناكرة فيما بينهما ولعله غير مراد فمتى سبق بينهما نزاع ثم جرى الصلح بلفظه صح ؛ لأنه صدق عليه أنه بعد خصومة ويمكن شمول قوله ولو عند غير قاض لذلك ا هـ ع ش وقوله لفلان الصواب إسقاطه أو يقول ويدعيها عليك فلان ( قوله صرح به ) أي : بالتعميم المذكور ( قوله وكأنه ) أي : الإسنوي ( قوله منه ) أي : من قول المصنف المتداعيين ( قوله : لأنهم إلخ ) تعليل لعدم النظر ( قوله ولو عند غير قاض ) الأولى حذف ولو ( قوله هنا ) أي : في صحة الصلح ( قوله وذلك ) أي : وجود مسمى الصلح عرفا ( قوله نعم إلخ ) استدراك على المتن ( قوله إن نويا به ) أي بلفظ صالحني عن دارك بكذا وكذا ضمير قوله ؛ لأنه وقوله لا ينافي وقوله به وقوله فارق ( قوله البيع ) أي : أو غيره مما يستعمل فيه لفظ الصلح من الإجارة وغيرها فيما يظهر ولعله إنما اقتصر عليه ؛ لأنه الذي صرح به الشيخان ولأنه الظاهر من قول المصنف صالحني عن دارك بكذا ا هـ ع ش ( قوله : لأنه حينئذ كناية ) من غير شك كما قالاه وإن رده في المطلب نهاية ومغني قال ع ش قوله كناية معتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإنما لم يصح ) أي البيع ( قوله شرطه المذكور ) أي : سبق الخصومة ( قوله وبه ) أي : بقوله ؛ إذ لا ينافي البيع ( قوله أن النظر إلخ ) بيان للضعيف ( وقوله للفظ ) أي : لفظ وهبتك بعشرة وعلى الأصح الناظر لمعناه فهو صحيح في البيع كما يأتي في الهبة ا هـ كردي ( قوله : لأن لفظ الهبة إلخ ) تعليل لقوله وبه فارق .




                                                                                                                              الخدمات العلمية