الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه ) محل ما ذكره المتن [ ص: 279 ] إن لم يضمن بعد الإذن في الأداء بلا إذن وإلا لم يرجع فيما يظهر لأنه أبطل الإذن بضمانه بلا إذن ( والأصح أن مصالحته ) أي المأذون له في الأداء ( على غير جنس الدين لا تمنع الرجوع ) لأن الإذن إنما يقصد البراءة وقد حصلت فيرجع بالأقل كما مر ويظهر أنه يأتي هنا ما مر ثم في البيع وحكوا خلافا هنا لإ ثم لأن الصلح ثم وقع عن حق لزمه بخلافه هنا وإحالة المستحق على الضامن وإحالة الضامن له قبض ومتى ورث الضامن الدين رجع به مطلقا ( ثم إنما يرجع الضامن والمؤدي ) بشرطهما السابق ( إذا أشهدا بالأداء ) من لم يعلم سفره عن قرب أي عرفا فيما يظهر ويحتمل ضبطه بمن لا يعلم سفره قبل ثلاثة أيام سواء أكان ( رجلين أو رجلا وامرأتين ) ولو مستورين وإن بان فسقهما لعدم الاطلاع عليه باطنا ( وكذا رجل ) يكفي إشهاده ( ليحلف معه في الأصح ) لأنه كاف في إثبات الأداء وإن كان حاكم البلد حنفيا كما اقتضاه إطلاقهم لكنه مشكل إذا كان كل الإقليم كذلك فينبغي هنا عدم الاكتفاء به وقوله ليحلف علة غائبة فلا يشترط عزمه على الحلف حين الإشهاد على الأوجه بل إن يحلف عند الإثبات فقول الحاوي إن لم يقصده كان كمن لم يشهد يحمل على ما إذا لم يحلف أصلا [ ص: 280 ] ( فإن لم يشهد ) أو قال أشهدت وماتوا أو غابوا أو هذين وكذباه أو قالا نسينا ولم يصدقه الأصيل وأنكر رب المال دفعه إليه ( فلا رجوع ) له ( إن أدى في غيبة الأصيل وكذبه ) لأن الأصل عدم الأداء وهو مقصر بترك الإشهاد ( وكذا إن صدقه ) على الأداء ( في الأصح ) لأنه لم ينتفع بأدائه ولو أذن له في ترك الإشهاد رجع إن صدقه على الدفع ولو لم يشهد أولا ثم أدى ثانيا وأشهد رجع بأقلهما لأن الأصل براءة ذمة الأصيل من الزائد ( وإن صدقه المضمون له ) أو وارثه الخاص على الأوجه وكذبه الأصيل ولا بينة ( أو أدى بحضرة الأصيل ) وأنكر المضمون له ( رجع على المذهب ) لسقوط الطلب في الأولى بإقرار ذي الحق ولأن المقصر هو الأصيل في الثانية حيث لم يحتط لنفسه وكالضامن فيما ذكر المؤدي نعم بحث بعضهم تصديقه في نحو أطعم دابتي وأنفق على محجوري في أصل الإطعام والإنفاق وفي قدره لرضاه بأمانته وهو قياس ما يأتي في نحو تعمير المستأجر وإنفاق الوصي ومن ثم تقيد قبول قوله بالمحتمل .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وإحالة المستحق على الضامن ) لو كان الضامن هنا بحيث يرجع فأبرأه المحتال فينبغي عدم الرجوع خلافا للجلال البلقيني وهو ظاهر لأنه لم يغرم شيئا ومثله ما لو وهبه الدين لأن هبة الدين للمدين إبراء قال في شرح الروض ولو قال المستحق للضامن وهبتك الدين الذي ضمنته لي كان كالإبراء فلا رجوع انتهى ولو أحال الضامن المستحق فأبرأ المحال عليه فينبغي رجوع الضامن كما هو ظاهر لأنه فات دينه الذي كان على المحال عليه بسبب الضمان ( قوله ومتى ورث الضامن الدين رجع به مطلقا ) أي وسواء ضمن بإذن أو بدونه كما هو المتبادر من لفظ مطلقا لكن هذا ظاهر إن ورثه قبل الأداء فلو ورثه بعد الأداء فالوجه عدم الرجوع إذا ضمن بغير الإذن كما لو لم يرثه بل أولى لأنه إن لم يرجع بعد أدائه وقد ضمن بلا إذن من غير استفادة شيء فلأن لا يرجع بعده كذلك وقد استفاد ما أداه بالإرث بالأولى ( قوله مطلقا ) أي سواء ضمن بإذنه أو بدونه .

                                                                                                                              ( قوله وإن بان فسقهما ) [ ص: 280 ] هذا يفيد الرجوع حينئذ مع أخذ المستحق الدين من الأصيل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ما ذكره المتن ) وهو قوله وإن أذن بشرط [ ص: 279 ] الرجوع رجع وكذا إن أذن مطلقا ( قوله إن لم يضمن إلخ ) خبر محل إلخ أي إن لم يضمن بعد الإذن في الأداء أصلا أو ضمن بإذن بعد الإذن ففي الأداء فقوله بلا إذن متعلق بيضمن ( قوله وإلا ) أي وإن ضمن بلا إذن فيه بعد الإذن في الأداء ( قوله أبطل الإذن ) أي في الأداء .

                                                                                                                              ( قوله لأن الآذن ) إلى قوله ويظهر في النهاية ( قوله فيرجع بالأقل ) من الدين المضمون وقيمة المؤدى فلو صالح بالإذن عن عشرة دراهم على ثوب قيمته خمسة أو عن خمسة على ثوب قيمته عشرة لم يرجع إلا بخمسة ا هـ .

                                                                                                                              مغني وقوله المضمون لعل الصواب إسقاطه إذ الكلام هنا في الإذن في الأداء بلا ضمان كما يصرح به قول الشارح ويظهر إلخ ( قوله كما مر ) أي في شرح ولو أدى مكسرا إلخ ( قوله هنا ) أي فيما لو أدى بالإذن بلا ضمان وصالح عن الدين بغير جنسه ( قوله ما مر ثم إلخ ) أي فيما لو ضمن بالإذن وصالح عن الدين بغير جنسه ا هـ ع ش أي بقوله وبالصلح ما لو باعه الثوب إلخ ( قوله عن حق لزمه ) أي بسبب الضمان ( قوله وإحالة المستحق ) إلى المتن في النهاية إلا قوله وإحالة الضامن ( قوله قبض ) أي فيرجع على الأصيل بمجرد الحوالة وإن لم يؤد للمحتال ومحله إذا لم يبرئه المحتال ليلائم ما مر في قوله م ر ولو أبرأ المحتال الضامن لم يرجع ثم رأيت في الخطيب هنا ما هو صريح فيما قلناه ا هـ .

                                                                                                                              ع ش وصرح سم أيضا هنا بذلك ( قوله رجع به إلخ ) عبارة المغني فإن له الرجوع لانتقال الدين إليه ولو كان الضمان بغير إذن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مطلقا ) أي سواء ضمن بالإذن أم بدونه لأنه صار له وهو باق في ذمة الأصيل وإنما عبر بالرجوع وإن كانت الصورة أنه لم يؤد شيئا لأنهم نزلوا انتقال الدين له بالإرث منزلة الأداء كما صرحوا به ا هـ رشيدي عبارة سم قوله رجع به مطلقا أي سواء ضمن بإذنه أو بدونه كما هو المتبادر من لفظ مطلقا لكن هذا ظاهر إن ورثه قبل الأداء فلو ورثه بعد الأداء فالوجه عدم الرجوع إذا ضمن بلا إذن كما لو لم يرثه بل أولى لأنه لم يرجع بعد أدائه وقد ضمن بلا إذن من غير استفادة شيء فلأن لا يرجع بعده كذلك وقد استفاد ما أداه بالإرث بالأولى ا هـ .

                                                                                                                              وبجميع ذلك يعلم ما في تفسير ع ش الإطلاق بقوله سواء أداه لمورثه أو لا ا هـ .

                                                                                                                              قول المتن ( والمؤدى ) أي بالإذن بلا ضمان ا هـ مغني ( قوله بشرطهما السابق ) أي الإذن وعدم قصد التبرع بأداء ثم قوله ذلك إلى قوله أي عرفا في النهاية ( قوله من لم يعلم إلخ ) فلا يكفي إشهاد من يسافر قريبا إذ لا يفضي إلى المقصود ا هـ .

                                                                                                                              مغني ( قوله سواء أكان ) أي من لم يعلم إلخ ( قوله ولو مستورين ) أي ولو كان الشاهدان مستوري العدالة ثم قوله ذلك إلى قول المتن فإن لم يشهد في النهاية وكذا في المغني إلا قوله لكنه إلي وقوله إلخ وقوله فقول الحاوي إلى المتن ( قوله وإن بان إلخ ) الأولى كما في المغني فبان إلخ ( قوله وإن بان فسقهما ) هذا يفيد الرجوع حينئذ مع أخذ المستحق الدين من الأصيل ا هـ سم وينبغي تقييده بما إذا صدق الأصيل الضامن في الإشهاد والأداء ( قوله وإن كان إلخ ) أي حين الدفع والإشهاد ا هـ .

                                                                                                                              مغني ( قوله كذلك ) أي حاكمه حنفي ( قوله فينبغي هنا إلخ ) عبارة النهاية فالأوجه عدم الاكتفاء به ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله به ) أي برجل ( قوله على الأوجه ) عبارة النهاية فيما يظهر كما أفاده الزركشي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إن لم يقصده ) أي الحلف حين الإشهاد ( قوله بحمل إلخ ) لا يخفى بعد هذا الحمل بل لا يحتمله اللفظ أصلا قول المتن [ ص: 280 ] فإن لم يشهد ) أي الضامن بالأداء نهاية ومغني ( قوله أو قال أشهدت إلخ ) عبارة النهاية والمغني ولو قال أشهدت بالأداء شهودا و ماتوا أو غابوا أو طرأ فسقهم وكذبه الأصيل في الإشهاد قبل قول الأصيل بيمينه ولا رجوع وإن كذبه الشهود فكما لو لم يشهد وإن قالوا لا ندري وربما نسينا فلا رجوع كما رجحه الإمام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولم يصدقه إلخ ) أي في الإشهاد نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله وأنكر إلخ ) راجع لكل من قول المصنف فإن لم يشهد وقول الشارح أو قال أشهدت إلخ عبارة النهاية والمغني وأنكر رب الدين أو سكت ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو أذن ) إلى قوله نعم في المغني وإلى الكتاب في النهاية ( قوله إن صدقه ) أي الأصيل الضامن ( قوله ولو لم يشهد إلخ ) أي لو أدى الضامن الدين مرتين وأشهد في الثانية دون الأولى ( قوله رجع بأقلهما ) هذا هو المعتمد ا هـ ع ش ( قوله بأقلهما ) فإن كان أي الأقل الأول فهو بزعمه مظلوم بالثاني وإن كان الثاني فهو المبرئ لكونه أشهد به والأصل براءة ذمة الأصيل من الزائد نهاية ومغني ( قوله على الأوجه إلخ ) عبارة النهاية أو وارثه الخاص لا العام وقد كذبه الأصيل ولا بينة على ما بحثه بعضهم والأوجه خلافه لسقوط الطلب بذلك حيث اعترف الوارث المذكور بقبضه أما إقرار العام بقبض المورث فغير مقبول كإقرار الولي ويمكن حمل الأول عليه ا هـ قال ع ش قوله م ر والأوجه خلافه أي فتصديق العام كتصديق الخاص وقوله الوارث المذكور أي العام كالخاص وقوله بقبضه أي بأن اعترف الوارث العام بأنه قبض من الضامن بخلاف ما لو صدق الضامن في أنه دفع للمضمون له قبل موته وهي صورة الإقرار المذكورة وقوله ويمكن حمل الأول وهو قوله ولا بينة على ما بحثه إلخ وقوله عليه أي على قوله أما إقرار العام إلخ ا هـ .

                                                                                                                              وقال الرشيدي قوله م ر ويمكن حمل الأول أي قوله لا العام خلافا لما وقع في حاشية الشيخ ا هـ وهو الظاهر وعبارة المغني وتصديق ورثة رب الدين المطلقين التصرف كتصديقه وهل تصديق الإمام حيث يكون الإرث لبيت المال كتصديق الوارث الخاص أو تصديق غرماء من مات مفلسا كتصديق رب الدين قال الأذرعي لم أر فيه شيئا وهو موضع تأمل ا هـ .

                                                                                                                              والظاهر كما قاله بعض المتأخرين عدم الإلحاق لأن المال لغيره ا هـ وظاهره كظاهر الشارح مخالف لما مر عن النهاية فليتأمل ( قوله لم يحتط لنفسه إلخ ) أي بتركه الإشهاد ( قوله فيما ذكر ) أي من قول المصنف فإن لم يشهد إلخ عبارة ع ش في عميرة هذا التفصيل بين الإشهاد وتركه وكونه بحضرة الأصيل أولا وكون المستحق مصدقا على الأداء ولا يجري مثله في أداء الوكيل فحيث رجع المؤدى هنا خرج الوكيل عن العهدة وحيث لا فلا إلا في مسألة واحدة وهي ما لو وكله بأداء شيء لمن لا دين له عليه فأداه بغير حضور الموكل بغير إشهاد فإنه لا شيء عليه ويبرأ عن العهدة م ر فليراجع ا هـ سم على منهج أقول وهو واضح إن أذن في الأداء لمن لا دين له عليه على وجه التبرع أما إن أمره بدفعه لمن يتصرف له فيه ببيع أو نحوه فالظاهر أنه كالدين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نعم بحث بعضهم تصديقه ) عبارة النهاية نعم يظهر كما بحثه بعضهم تصديقه إلخ وقال الرشيدي قوله م ر تصديقه أي المطعم أو المنفق الآتي ذكرهما وهذا استدراك على ما علم من المتن من أنه لا رجوع إلا إذا صدقه المضمون له أو أدى بحضرة الأصيل ا هـ .

                                                                                                                              أقول بل هذا استدراك على ما يفيده قول الشارح وكالضامن فيما ذكر المؤدى من نظير ما ذكره المحشي ( قوله وفي قدره ) أي حيث كان محتملا ا هـ نهاية ( قوله لرضاه ) أي الآمر بالإطعام أو الإنفاق ( بأمانته ) أي المطعم أو المنفق ( قوله ومن ثم ) أي من أجل قياس نحو الإطعام على نحو التعمير .

                                                                                                                              ( قوله تقيد ) بصيغة الماضي المبني للمفعول من باب التفعل ( قوله قبول قوله ) أي المطعم أو المنفق




                                                                                                                              الخدمات العلمية