الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (4) قوله : وامرأته حمالة الحطب : قراءة العامة بالرفع على أنهما جملة من مبتدأ وخبر سيقت للإخبار بذلك. وقيل: "وامرأته" عطف على الضمير في "سيصلى" ، سوغه الفصل بالمفعول. و "حمالة الحطب" على هذا فيه أوجه: كونها نعتا لـ "امرأته" . وجاز ذلك لأن الإضافة حقيقية; إذ المراد المضي، أو كونها بيانا أو كونها بدلا لأنها قريب من الجوامد لتمحض إضافتها، أو كونها خبرا لمبتدأ مضمر، أي: هي حمالة. وقرأ ابن عباس "ومريته" و "مريئته" على التصغير، إلا أنه [ ص: 145 ] أقر الهمزة تارة وأبدلها ياء، وأدغم فيها أخرى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة ( حمالة ) بالرفع. وعاصم بالنصب فقيل: على الشتم، وقد أتى بجميل من سب أم جميل. قاله الزمخشري ، وكانت تكنى بأم جميل. وقيل: نصب على الحال من "امرأته" إذا جعلناها مرفوعة بالعطف على الضمير. ويضعف جعلها حالا عند الجمهور من الضمير في الجار بعدها إذا جعلناه خبرا لـ "امرأته" لتقدمها على العامل المعنوي. واستشكل بعضهم الحالية لما تقدم من أن المراد به المضي، فيتعرف بالإضافة، فكيف يكون حالا عند الجمهور؟ ثم أجاب بأن المراد الاستقبال لأنه ورد في التفسير: أنها تحمل يوم القيامة حزمة من حطب النار، كما كانت تحمل الحطب في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله: حمالة الحطب قولان. أحدهما: هو حقيقة. والثاني: أنه مجاز عن المشي بالنميمة ورمي الفتن بين الناس. قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4670 - إن بني الأدرم حمالو الحطب هم الوشاة في الرضا وفي الغضب

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 146 ] وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      4671 - من البيض لم تصطد على ظهر لأمة     ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب



                                                                                                                                                                                                                                      جعله رطبا تنبيها على تدخينه، وهو قريب من ترشيح المجاز. وقرأ أبو قلابة ( حاملة الحطب ) على وزن فاعلة. وهي محتملة لقراءة العامة. وعباس ( حمالة للحطب ) بالتنوين وجر المفعول بلام زائدة تقوية للعامل، كقوله تعالى: فعال لما يريد وأبو عمرو في رواية "وامرأته" باختلاس الهاء دون إشباع.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية